هلوسة واحد فاضي.

رغم محاولاتي المتعددة لأكتب، إلا أنني أفشل، ويتملكني شعور أنني خاوي الوفاض وأنني من اتباع الفلسفة الوجودية التي لا أهضمها ولا أفهمها، وهي
تخبرنا أنه من العبث أن نتصور للحياة غاية معينة أو خطة مرسومة، أيا أن كل ما يحدث في حياة الإنسان (عشوائي) لا يمكن التنبؤ به، لذلك فالحياة لا معقولة ولا منطقية (عبث). واللامعقول في تلك الفلسفة جوهره أن البشر محكوم عليهم بالموت.
مش فاهم حاجة فيما كتبت لكنني أحاول جاهداً أن أمسك بالقلم، وفي كل مرة أمح ما كتبت لأنه لا يستحق، واعود احمل (خُفَّيْ حُنَيْن).
لماذا أضرب بحالتي هذا المثل؟ الحقيقة مش عارف ما أنا فاضي والفاضي يعمل قاضي، مع أني غير مكلَّف ولا مؤهَّل إلا أن أكون داخل قفص الاتهام، لكن عندي فراغًا أحاول أن أشغله ولا أعرف كيف، والمثل الصيني يقول: (الكلب القابع في الحظيرة ينبح على البراغيث من حوله، وأما الكلب الصياد فلا يدري عنها).
نرجع لحنين بما أني فاضي إلا من هرش شعر رأسي أحكي لكم حكايته:
حنين إسكافي من أهل اَلْحَيْرَة أتعبه أعرابي في المساومة على خفّين، واختلفا ورحل الأعرابي دون أن يبتاع شيء من حنين الذي قرر الانتقام من الإعرابي
أخذ حنينٌ أحدَ خفيه وطَرَحه في الطريق ثم ألقى الآخر في موضع آخر ولما مرَّ الأعرابي بأحدهما قال: “ما أشبه هذا الْخفَّ بخف حنين! ولو كان معه الآخر لأخذته”، ومضى،
ولما انتهى إلى الآخر نَدِمَ على تركه الأولَ، ترك راحلته وعاد ليأخذ الأولَ، سرق حنينٌ الراحلة وما عليها! وسأله قومه بماذا عدت؟ قال:
“جئتكم بِخُفَّيْ حُنَين”.
عاد قلمي يمسك بأذني يزن، وزنه آمرا من السحر، يقنعني بفرضية أن أكتب، فأكتب وتمسك عيني بالسطور وتقول ما هذا الهراء؛ تكتب ما لا يفيد الناس، فقررت البحث عن مكان أنعس فيه فلم أجد إلا كوبري إسنا، جلست أتذكر أغنية المطرب القديم محمد أمين:
فآيتين على كوبري إسنا، لفحنا الهواء نعسنا، واللي شبكنا يخلصنا، اشمعنا إسنا البعيدة والتي تبعد 55 كم جنوب الأقصر على الضفة الغربية لنهر النيل، لا أعلم، ألم يكن من
الأقرب أن أتذكر بما أننا في الصيف أي مصيف بحري،
أيام العز زمان لما كنا نحجز شقة كبيرة ونسافر كلنا عن بكرة أبينا (ما تعدش )، ننام في المتاح، ونأكل المباح ونلهو ونلعب ونسهر حتى الصباح بقلوب صافية، و أقارن بينها وبين المصايف الحالية بعدما افترقت شراذم وراح كل منا يصيف بأسرته في مصيف مجهز بالمكيف والواي فاي والتليفون والسخان والغسالة الكهربائية، ونفتقد السعادة التي كنا نشعر بها وسط زحمة العائلة، وأتحسر وتصيبني الكآبة ولا أصدق أننا لا نعرف حتى بيوت بعضنا بعد أن كنا
طوافون حول بعضنا.
سرحت شويت معلش، أرجع للفرض والمفروض.
كنت المعدة تهضم الزلط، الفول والطعمية والمش أجمل من الكباب، ولما ربنا يفرجها يتبوأ المائدة الثريد مشبع باللحم السمين ومعطر بالثوم والتوابل والبصل والصلصة المسبكين، تحسرت على ضياع الصحة، المهم طمعت وربت بيدي فوق معدتي والمعدة أمارة بالسوء أو كما كانت والدتي رحمها الله تقول:
المعدة كلبة.
وكسرت بصلة صغيرة مع قطعة جبن قديمة جملتها بشوية طحينة وزيت ونقطة شطه والتهمتها بشوق، بعدها انتفخت وتكورت بطني كحامل في شهرها السادس وأخذت تصدر أصوات كان أحد بداخلها يستغيث.
سيطرت الهلاوس علي أم رأسي وأقنعتني أن قليلا من الهلفطة لا تضر فصنعت كوبا من الشاي الثقيل بالنعناع ورحت أفلفط.
فرق كبير بين الفرض الواجب والمفروض.
لا أعتقد أنني فهمت ما كتبته، لكنني سارعت بنشر هلوستي قبل أن تأمرني عينيا بمحوها.
سيد جعيتم
جمهورية مصر العربية