(الاعتذار ثقافه راقيه )
يعتقد كثيرون أن الاعتذار نقطة ضعف لا يجب إظهارها كونها دليل انكسار وهزيمة لا تليق بهم ومن هذا المنطلق فإن أشد المكابرين الرافضين للاعتذار هم من الذين يصنفون أنفسهم كطبقة مثالية لا تخطئ وإن أخطئت فهي سامية لا تعتذر لمن هم دونها مرتبة وفي هذا شيء من صفات الشيطان ألا وهو الكِبَر بل الاعتذار عن الخطأ الذي يرتكبه الفرد تجاه غيره سلوك محمود ومع ذلك نرتكب يوميا ويستوجب الاعتذار ولا يفعل أغلبنا هذا وكأن ثقافة الاعتذار لا تخصنا بالرغم من أنها تسهم في توثيق اواصر المحبة والرضا بين الطرفين فليس عيبا أن يخطئ الإنسان، ولكن العيب ان يستمر في الخطأ..
يعرف الاعتذار بأنه تعبير عن الشعور بالندم أو الذنب على فعل أو قول تسبب في ألم أو إساءة لشخص آخر وذلك بطلب العفو من الذي تأذى بذلك وهو تقويم لسلوك سلبي وثقافة راقية لا يجيدها كثيرون والاعتذارالسريع ومراجعة النفس مباشرة عند وقوع الخطأ أو السلوك السلبي في حالة الغضب والاعتذار بعد مراجعة النفس فيأتي متأخرا نوعا ما بعد مراجعة المخطئ للموقف ومحاكمة النفس حيث تنتابه حالة تأنيب الضمير أيضا وهناك عدم الاعتذار وهو ما نعانيه في مجتمعاتنا فالشخص مدرك تماما لحجم أخطائه لكنه يكابر ويمتنع عن الاعتذار بسبب ضعف شخصيته وعدم قدرته على مواجهة المواقف أو غروره..
لذا قبل أن يبدأ الشخص في تقديم الاعتذار عليه أن يؤهل نفسه لذلك ليتحمل مسؤولية جميع أفعاله الحسنة والسيئة وعليه اختيار الوقت المناسب وأن يكون الاعتذار لأسباب منطقية مقنعة له وللشخص الآخر وأن يعلم ان مبادرته بتقديم الاعتذار تعني انه الطرف الأقوى والأفضل فالتسامح والاعتذار من شيم النبلاء وألا يأتي الاعتذار مقترنا بمبررات كثيرة كما أن للأعتذار فوائده عديدة فهو يساعدنا في التغلب على احتقارنا لذاتنا وتأنيب ضميرنا ويعيد الاحترام للذين أسأنا إليهم ويزيل شعورهم بالغضب كما يفتح باب لتوطيد العلاقات وفوق هذا كله هو شفاء الجراح القلوب المحطمة ..
يعتبر قبول الاعتذار من المخطئين شيء عظيم خاصة لمن ادرك حقيقة النفس البشرية لكن العبرة بمن يصحح ذلك الخطأ وعلى المخطئ المسارعة في الاعتذار حتى لاتزيد الفجوة ويفقد الاعتذار قيمته و يكون الاعتذار حقيقيا وليس زائفا حتى لا يؤدي إلى إساءة أكبر من إصلاح الخطأ وعلى المعتذر عدم تبرير الخطأ لان هذا يعطي الإحساس بأنك لا تعتذر بل تحاول إقناع من أمامك أنك ضحية مثله وتكون الكلمات دقيقة فالناس مختلفون في اطباعهم فأحيانا يسيء أحدهم بسلوك معين الى الاخر لكن في قراره نفسه ان سلوكه غير مسيء وفي احيان اخرى يعتقد البعض ان المسامحة على الاخطاء وقبول الاعتذار قد يجعل المخطئ يتمادى وقد يكررهاوالحقيقه أن الاعتذار له قيمة اخلاقية مرتبطة بعلاقة وثيقة بقيم أخرى مهمة في حياتنا كما ان الاعتذار مهارةاجتماعية يحتاج ان نتعلم كيفية ممارستها بالشكل الصحيح لكي يصبح جزءا من سلوكنا نطبقه في حياتنا لكن للأسف معظمنا اليوم لا يدركون أهمية وأثر هذه المهارة في حياتهم الشخصية والاجتماعية..