مسلسل لوديك.. كيف تفكر نتفليكس في أفريقيا؟
ناديـــا العابــــد متابعات
نادرا ما تسعى المنصات الأكثر شهرة مثل نتفليكس لصناعة أبطال من أفريقيا، لذلك يبدو مسلسل “لوديك” Ludik لافتا للانتباه بدرجة كبيرة، ويعتبر إشارة إلى عالم واسع يمكن استغلال وحكاية قصصه المنسية المثيرة.
تدور أحداث “لوديك” الناطق بالأفريقانية، وهي اللغة السائدة في جنوب أفريقيا، حول البطل دان لوديك، الرجل الغاضب، شديد القوة الجسمانية والاجتماعية. ويتناول رحلته من الفقر الشديد إلى الثراء الفاحش، كل ذلك ببصمة الثنائي الكاتبين بول بويز وأنيماريا فان باستن.
المسلسل يحكي قصة رجل أعمال (بيتر فورستر) نجح في بناء إمبراطورية لصنع الأثاث توسّعت للسيطرة على السوق
تروج لوحات إعلانية في جميع أنحاء المدينة للخدمات التي تقدمها إمبراطوريته، لكنها مجرد واجهة لأعمال أخرى نكتشفها من خلال الأحداث التي تقدّم في إطار حركية صاخبة وسريعة نجحت في نقل التوتر والقلق إلى المشاهد.
لا ينتظر المشاهد طويلا حتى يكتشف أن الرئيس التنفيذي ورجل العائلة يدير أعمالا سرية لتهريب الألماس. وسرعان ما تبدأ حياة دان في الخروج عن السيطرة بعد اختطاف أحد أفراد عائلته، وهنا تتصاعد الإثارة.
وعلى مدى حلقات المسلسل الست، نشهد أحداثا سريعة ومكثفة والكثير من الإثارة التي تذكرنا أحيانًا بالمسلسل الأكثر شهرة للمخرج الأميركي ديفيد شايس The Sopranos، رغم أن “لوديك” ليس بالتعقيد ذاته، مما يجعله يفتقر إلى تشابك وعمق الأحداث.
المتأمل في أحداث المسلسل تعن له مجموعة من التساؤلات: كيف ترى شبكة نتفليكس أفريقيا في أعمالها الدرامية؟ وما الذي يحركها لصناعة دراما أفريقية؟ وما الذي يجعلها أقرب للنمطية الفنية عن المجتمع الأفريقي في عيون المستشرقين؟
النشأة على “الطغيان الديني” الذي يحيط بالبطل لا تبدو بعيدة عن التصورات الجامدة عن تلك المناطق وأبطالها، وسعيه للنهوض من فقره عن طريق تجارة محرمة (تهريب الماس) يعد بدوره صورة نمطية معهودة عن أفريقيا يكررها المسلسل.
كما أن صرامة بطل الفيلم -الذي يرى نفسه قانون العالم- وتقديمه في صورة رجل قوي هارب من الفقر بالجريمة، كل ذلك يبدو تعريفا نمطيا للأثرياء في تصورات المستشرق.
يصر “دان” على ذهاب ابنه المريض للمدرسة رغم كل شيء، ويسعى لتعذيب شخص بشكل قاس لأنه حاول خداعه، في عالم أفريقي يحكمه السعي الفردي والقوة الاستثنائية لأبناء العصابات والقتلة.
ثمة نقطة ضعف يمكن تقبل هذه “الشخصية القبيحة” من خلالها، إنه زوج الأخت المدمن على الخمور، والذي يقع في المشاكل باستمرار، السبب الوحيد الذي يجعل دان يستمر في إنقاذه من المواقف الشائكة أنه وعد أخته الراحلة بأنه سيهتم به، فقد كانت شقيقته ليندا (ليشان فان دير بيرغ) هي الشخص الوحيد الذي شعر دان بالأمان معه.
هناك أيضا شقيق دان، الذي يتعرّض للابتزاز باستمرار، ويحتاج إلى أخيه كي ينقذه. ابنته لويز أيضا تعمل معه في الشركة وتريد منه أن ينسجم مع خطيبها الحائز على الميدالية الذهبية الأولمبية، والذي لم يعجب دان.
يساعد عائلته في الخفاء وبنفس القدر يستبيح المحرمات ويبيعها لتضخيم ثروته، وهكذا يرسم سيناريو المسلسل صورة نمطية وتقليدية لعالم لا تحكمه سوى الجريمة والقوة المطلقة.
عالم كامل للجريمة والقتل والخطف والمساومة لا يدخله سوى الأشرار الذين نحتقرهم أثناء المشاهدة، لا نتعاطف بقدر ما يجذبنا الفضول للاستمرار، وعلى الرغم من أننا نتابع مسلسلا مليئا بالإثارة، إلا أنه لا يقدم أي هدف نبيل.
مسلسل “لوديك” مليء بالصور النمطية والمسبقة عن الرجل الأفريقي من وجهة نظر استشراقية: النشأة الدينية المتزمتة، الفقر، التحايل لإثبات الذات، الجريمة. ولا تمل الحكايات الغربية من صناعة أبطال على هذه الشاكلة.