وفاء…
استندت على حافة الطريق..هذه المرة الخمسون التي تتحسس فيها هذا الطريق. وتقف على مشارفه منذ أكثر من شهر ونصف!! . لقد أصبحت تحفظه جيدا، بل حتى الناس الذين يمرون منه صاروا يعرفونها.
ذات مساء سمعت أحدهم يهمس للأخر : مسكينة لاتزال تنتظره هنا ترتقب عودته رغم أنها تعرف أنه مات منذ أكثر من شهر ونصف!
أنانية…
كانت خطواتها ثقيلة جداً وهي تقترب من الموقد لتجهز طعام الغداء، اتكأت على الطاولة المجاورة حين طرق صوت ابنتها مسامعها قائلة : أمي أرجوك حين أعود من الجامعة سأقوم أنا بصنع الغداء أرجوكِ لا تعبأي به، ارجوكِ لاترهقي نفسك!
لكن صوت جبروته كان أقوى عمقاً من حب ابنتها!
حين زمجر قائلاً لها هذا الصباح : يكفيك راحة أنا لا أحب ماتعده ابنتك أريد الغداء من يدك هذا المساء؟!
أرادت أن تشعل الموقد، سقط عود الثقاب من يدها
وسقطت هي للأبد!
فقدان…
قبل خروجه للعمل ظل متشبثا بأطراف ثوبها، يشتم رائحته بعمق، احتضنها طويلاً وهو يذرف الدمع ويعلو نحيبه، لقد اعتاد الجميع على طقوسه الصباحية، وأناته الموجعة، وهو يلتحف ثياب أمه التي رحلت كل صباح!
فضول…
ظنت أنها الوحيده في هذا المكان، تعجبت من نظرات الناس تجاهها، تسائلت مع نفسها : ماالذي يدهشهم لهذا الحد؟ بدأت تتحسس بأناملها خصلات شعرها، ثم أخرجت المرآة من حقيبتها تتحسس وجهها الجميل، رتبت بأناملها فستانها، ابتسمت للجميع حين غادرت وهي مستندة على عكازيها!
مراهقة…
اعلم أني مجنونة.. بل أنا مستمتعة كثيراً بهذا الجنون… ضحكت حين مررت بهدوء بين يدي جدتي الضريرة كي لاتراني وانا أتحدث مع ابن الجيران من النافذة، ثم أتظاهر بأني أنظفها… عندما استيقظت جدتي سألتني : هل لازلت تقفي على النافذة تنظفينها؟؟
تبسمت وانا أكتم ضحكتي ثم قلت لها : نعم… نعم ياجدتي!
قالت وهي تغادر الغرفة :حسناً ياصغيرتي في كل مرة تقفين فيها لتنظفي النافذة احرصي على نفسك حتى لا يحترق قلبك!