الأدب والشعر

كيف سيعبرون؟ 

بقلم : سميره بن سلمه التميمي 

بقلم : سميره بن سلمه التميمي 

تزاحمت كل الأحداث في عيني في لحظة واحدة، تساقطت كل الأقنعة التي أرتديتها طيلة سنوات عمري وأنا أراه أمامي.. تلك الأصوات التي تعالت وأصوات جرس الطوارئ، والضجيج الذي ملء كل ذرات الهواء من حولي صار عندي أعظم من عشرين سنة مضت في حياتي على مقاعد المدرسة، صرت أشعر بإرتجاف في أعماقي،

وقشعريرة تسري في كل جزء في جسمي بالداخل، و برودة الصقيع تكسوعروقي، كجثة الدراسة التي كانت تتمدد أمام ناظري أتوارى منها وأنا أختبأ خلف زملائي وزميلاتي.

حتى سقطت فجأة ولم أعد. اسمع سوى نبضات خافته من الجهاز الذي يجاور سريري!

ابن السيد عبدالمجيد أكثر رجال المنطقة ثراءا. وسلطة ونفوذا، وكل ماأريده أحصل عليه بأموال أبي، لكن أبي كان يظن أنه من السهل أن نشتري أرواحاً بريئة، لم يكن يعتقد أن أول حصاد لأنانيته سيكون هو!

أول رزمة مالية شاهدتها في حياتي، كانت عندما وضعها أبي وأنا في السنة الثامنة من عمري أمام مكتب مدير المدرسة الإبتدائية ليغلقوا ملف قضية تسببي في كسر قدم صديقي الذي اسقطته عمداً ونحن نقف فوق إحدى طاولات الصف! ليكتفي بتحميل زميلي المصاب عاقبة تهوره وشقاوته كطفل!

وآخرها كانت على مكتب مدير المستشفى الذي رضي بأن أحمل اسم دكتور من أجل فقط أن يفخر بي أبي أمام قومه!

ذات نهار سمعتك تقول له : ( أنا لا أريده أن يحمل مشرطاً في غرفة العمليات فهو لم يستطع ان يجتاز اختبارات كلية الطب إلا بأموالي، أنا فقط أريد أن اسمع رنين اسم الدكتور فؤاد يصل لأكبر محيط فأفخر بأنه لم يحمل هذا اللقب في عائلتي أحداً سوى إبني !)

وبين تلك وتلك كانت سيلاً من العثرات والسقطات التي تدفنها أموال أبي ، وجبالاً من الإنجازات والنجاحات التي

يعتليها أمواله أيضا!

لقد كنت تعلم أني شخص مرهف الحس شغفي في ريشة أضعها خلف إذني، وكومة من أوراق البريستول أحملها تحت ذراعي، وألوان الحياة كلها في كفي ونبضي الرقيق!

ولكن نرجسيتك ورغبتك في تملك كل ماتريد، بل ظننت حتى انه من حقك أن تسجن بأموالك أحلام الأخرين!

سنوات الدكتوراه الزائفة نعم الزائفة ياأبي هاانت الأن ستدفع ثمنها روحك التي ظننت يوماً انها أكثر وأغلى قيمة من جميع أرواح العالم… وأنه أنا وأنت وعائلتنا فقط أهم من يرسو على بر الأمان بأموالك الممتدة، وليُغرق الطوفان بعد ذلك العالم بأسره!

تجمدت قدماي وأنا أرى أبي في سرير الطوارئ يمر أمامي، حتى غدوت كعصفور مبلل سقط للتو من عشه ينتفض بريشه هنا وهناك يهرب من مصيره المحتوم حتى أبتلعه كلب ما!

أنا الأن في غياهب أفعالك ستبتلعني حقارة ودناءة غايتنا للأبد فالغاية لن تبررها أموالك الزائفة الأن!

دكتور فؤاد تخترق مسامعي لقد كنت أطرب مثلك لسماعها سابقاً ، مابالي اليوم أهرب منها وأغلق في صراع مميت أذناي كي لاتسمعها مطلقاً!!

دكتور فؤاد هناك حالة طارئة ستدخل غرفة العمليات

تحتاج إنقاذ عاجل لايوجد أي طبيب في المستشفى سواك أرجوك بسرعه توجه إلى هنا….

لا أعلم ماالذي حدث سوى اني عندما ركضت نحو تلك الغرفة ورأيتك أمامي،. بكيت طويلاً ، وغابت ملامح كل الأصوات والصور، ولم يبقى أمام عيني إلا ملامح تلك الأموال التي أوصلتني إلى هذا المكان وأمامك ، سقطتُ مغشياً عليَّ ياأبي..

ومن حسن حظك أن الدكتور خالد وصل في تلك اللحظات بعد مباشرته لإحدى الحالات خارج المستشفى، وقام بإجراء عملية القلب لك وإنقاذك!

وقفت أمام مكتب مدير المستشفى وضعت ورقة استقالتي، قلت له لقد استطاع هذه المره أن يعبر أبي إلى بر الأمان لا أعرف كيف حصل هذا؟ ولكن إن عبرنا هذه المرة، فأني أتسائل المخادعون أمثالنا في كل منصب أخبرني كيف سيعبرون من الصراط غداً ؟؟!

العبرة…

تنتهي صلاحية الأشخاص في العالم ، إذا كذبوا

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى