حاسب نفسك أولاً
الكاتبة : ثريا دهلوى
لا تُبحر كثيراً في نوايا النّاس سوف تُغرق
عليك بالظاهر والله يتولى السرائر .
لا تزرع في دربي شوكاً سوف تأتي غداً حافياً .
ذنوب البشر بين أيديهم وبين ربهم وقد يغفرها الله لهم في سجدة أو دعوة فاعتق لسانك عنهم
كي يعتقك الله من الابتلاء .
هناك فرق بين النصيحة والفضيحة ،
بين التوجيه والوصاية .
حياة الناس لهم وليس لك الحق في التدخل
في شئونهم اترك ماليس لك .
لا تشغل نفسك بما يقوله الناس عنك مدحاً
أو ذماً ولكن اهتم بسلامة قلبك وعملك
استعداداً ليوم لا ينفع مال ولا بنون الا من
أتى الله بقلب سليم .
الحياةُ أجمل حين تُطبق من تدخل في مالا يعنيه لقي مالا يرضيه، تعش مرتاح البال .
نحن في هذه الدنيا في امتحان في أي لحظة سوف يتم سحب ورقتك فضلاً ركز في ورقتك .
لا تفخر بشيء لم تصنعه أنت .
الجمال خلقه الله ، نسبك أنت لست من اختاره
افتخر بأخلاقك .
اصلح عيوبك واترك عيوب الآخرين انشغل
بنفسك اعتني بحياتك لتصلح لك الحياة .
لا تحرص على اكتشاف الآخرين الأفضل لك أن تكتفي بالخير الذي يظهرونه لك واترك الخطايا لرب العباد .
خذ من الناس ما يظهر لك من الخير ولا تقف عند كل محطة ولا تجعل من كل موقف معركة
ولا تدقّق على من حولك ولا تداهم النوايا
ولا تحرص على كل التفاصيل دع الحياة
تسير وتجاهل وتغافل .
نحاسب بعضنا بعضا وكأن الكل ملائكة ولو
حاسبنا الله أهلكنا بما نفعل .
فمن راقب الناس سيموت همّاً وغما أو حسدا
من أنت حتى تتدخل في حياتي وتحكم على تفكيري ، وشخصيّتي ، ونوايا دون أن تعرفني
ودون أن تعرف معاركي الخاصة ،صراعاتي
وحتى لو كنت تعرفني لماذا تعطي لنفسك
حق التدخل في حياتي بطريقة أو بأخرى .
أفضل كمامة يمكن أن يرتديها الانسان طول
حياته هي الابتعاد عن الغيبة والنميمة
فنحن ارتدينا الكمامة من أجل محاربة كوفيد 19 علينا أن نرتديها دائما لنقلل من الكلام
والطعن في حياة النّاس وليس هناك مضاد يقتل هذه الجرثومة التي تسمى الغيبة او النميمة سوى الخوف من عقاب الله وهذا أكبر داء في المجتمع علينا محاربته بالقوّة نحنُ نأمر بالمعروف وننهى عن المنكر .
إذا حاسبت كل من أساء إليك ورددتّ على كل من هجاك وانتقمت من كل من عاداك
فاحسن الله عزاءك في راحتك وصحتك ونومك
وهدوءك واستقرار حياتك .
تجاهل ماستطعت فالتغافل والتجاهل فنُّ
راقِ لا يتبعه إلا شخص عاقل .
اننا لا نتجاهل الا في ساعة الرضا ، تغادرنا تلك الكلمات الطيبة وتتلاشى عند السخط .
وتتحول ألسنتنا من الزود عن من كنا نحب
ردّ غيبته ، إلى المبادرة للغيبة والنميمة
وذكره بما يكره .
أصبحت أعيننا تمارس دور الراصد المراقب المتفحص فنضع الناس تحت المجهر
ونسلط أعيننا عليهم ، ونضع لكل حركة أو سكنة تفسير أو معنى فذلك منافق وذلك جبان
وذلك لا يخاف الله . نوزع الصفات اجتهاداً وتطوعاً على الناس دون أن يطلب منا ذلك .
نصبنا أنفسنا منصب الرقيب والله تعالى لم يوكل إلينا ذلك بل أمرنا باصلاح أنفسنا
وترك الانشغال بمراقبة الناس ونقدهم .
النفس النزيهة هي التي ترفعت عن ملاحقة الناس وانشغلت بتهذيب نفسها هي تلك التي
تمكنّ منها الإيمان واستشعرت مراقبة الله لها
وأنها مسئولة يوماً ما عما ستقول فترفعت
و تزكت من فضول الكلام وعن الجور في الأحكام من الرضا والسخافات فلا تتكلم الا صدقاً ولا تقول الا حقّاً .
تلك هي النفوس النزيهة الذكيّة التي شعارها قول الله
قد أفلح من تزكّى .