الموت هو كأس كل إنسان شاربه في هذه الدنيا والموت يوجع الأحياء فعند موت أحد أقاربنا أو من نحب من أصدقائنا نذوق مرارة الفقد الحقيقية فلا شيء سوف يجمعنا بعدها ونبقى على ذكراهم نشعربألم وحزن بعدهم عنا (تأهب للذي لا بدّ منه فإنّ الموت ميقات العباد) التألم و الموت هذا هو شعار البشر الموت داء لا دواء له إلا التقى والعمل الصالح اما المال والأهل ودائع ولا بدّ أن تردّ الودائع موت الصالح راحة لنفسه وموت الطالح راحة للناس وإذا العبد ذكر الموت صغرت الدنيا عنده..
الإنسان بطبعه حريص على طول عمره ويتطلع دائما إلى ما يدله على ذلك أن أحب الأشياء إلى ابن آدم نفسه فهو راغب في بقائها فأحب لذلك طول العمر وأحب المال لأنه من أعظم الأسباب في دوام الصحة وطول العمر فكلما أحس بقرب نفاد ذلك أشتد حبه له ورغبته في دوامه ) ولا يوجد تعارض بين علم الله الأزلي بما هو كائن من أعمار الناس إلى يوم القيامة وبين الأخذ بأسباب البقاء كالتداوي والمحافظة على الصحة وتؤدي إلى الحفاظ على الحياة دون مخالفة لقدر الله النافذ وبما أن البشر لا علم لهم بما يخبئه الله لهم من الأقدار والأعمار فيجوز لهم أن يأخذوا بكل أسباب البقاء التي تساعد على امتداد الأعمار وذلك مكتوب عند رب العالمين ..
عندما لا ندري ما هي الحياة كيف يمكننا أن نعرف ما هو الموت لا يخيفنا الموت ولا يسلبنا شيئاً الموت مجهول نحب الحياة و نرها بعين ناقصة ( لا دار للمرء بعد الموت يسكنها إلّا التي هو قبل الموت بانيها ) إذا ذكرت الموتى فعدّ نفسك أحدهم إذا توقفت الحياة في أعيننا فيجب أن لا تتوقّف في قلوبنا هذا هو الموت الحقيقيّ ..
قد تتوقّف الحياة في عينيك في لحظات الحزن وتظن أنّه لا نهاية لهذا الحزن وأنّه ليس فوق الأرض من هو أتعس منك فتقسو على نفسك حين تحكم عليها بالموت وتنفّذ بها حكم الموت بلا تردّد وتنزع الحياة من قلبك وتعيش بين الآخرين كالميت تماماً لم يعد المعنى الوحيد للموت هو الرحيل عن هذه الحياة فهناك من يمارس الموت بطرق مختلفة ويعيش كل تفاصيل الموت وهو ما زال على قيد الحياة الكثير منا يتمنّى الموت في لحظات الانكسار ظنّاً منه أنّ الموت هو الحلّ الوحيد والنهاية السعيدة لسلسلة العذاب لكن هل سأل أحدنا نفسه يوماً ماذا بعد الموت حفرة ضيقة وظلمة دامسة وغربة موحشة وسؤال وعقاب وعذاب إمّا جنة أو نار ..