Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
الأدب والشعر

الى الهند…. أدب الرحلات

ناديا العابد

ناديا العابد

بلد التناقضات كما يروق لي ان أسميها

خليط غير عادي من المجموعات العِرقية، و اللغات غير المفهومة

وتنويعات من الطوبوغرافيا والمناخ، ومجموعة متنوعة ضخمة من الممارسات الدينية والثقافية، ومستويات متباينة من التنمية الاقتصادية

الهند عبارة عن مائدة ” مجموعة منتقاة من الأطباق الفخمة في صحون مختلفة

وجذابة

وكل من هذه الأطباق له مذاق مختلف، ولا يمتزج جيدا مع الآخر بالضرورة، ولكنها تكمل بعضها بعضا، وتشكل في مجموعها مأدبة واحدة مُشبِعة.

 

وعلى هذا فإن فكرة الهند تقوم على أرض واحدة تضم شعوبا عديدة. إنها الفكرة التي تجعل أمة تتسم باختلافات عميقة من حيث الطبقة، والعقيدة، واللون، والثقافة، والمطبخ، والاقتناع، والزي، والعرف؛ تظل قادرة على الالتفاف حول إجماع ديمقراطي

…..

لم يخطر ببالي في يوم من الأيام أن أسافر خارج العراق..

حلمي الوحيد كان الذهاب لأداء العمرة ..

يوم من الأيام جاءني إتصال..

ألو أهلا خالتي ..كيف الحال؟

أهلا نادية الحمدلله.. أطلب منكِ طلب؟؟

تفضلي …

هل توافقين على مرافقتي لرحلة علاج للهند..

للهند؟؟وبدون تفكير أو تردد وافقت

حسنا هيئي جواز سفرك سنذهب لبغداد لأكمال معاملة السفر ..

 

…..

هبطت الطائرة بنا في مدينة دلهي ..كنا مجموعة من مرضى ومرافقيهم على نفقة وزارة الصحة

لا أقدر أن أصف جمال ونظام المطار وسعته

حدثت مشكلة جعلتنا نتأخر بالمطار لمدة ساعتين..أغتنمت الوقت جلست ارقب القادمين من مختلف دول العالم ومن كل الأجناس البشرية ..بأزيائهم وملامحهم

فرق التوقيت كان أكثر من ساعتين بين العراق والهند..

وصلنا المشفى فجراً..

لا أخفيكم سرا مضحكاً ..لقد أصبت بالدوار وأنا أستقل الحافلة ..كان مكان جلوس السائق من يمين الحافلة ومكان نزول الركاب جهة يسار الحافلة ..أصابني الدوار وأنا أحاول التركيز حتى أصبت بالغثيان..

مشفى أبولو ..أظن أنه أكبر مشفى بدلهي بل بالهند كلها..

مشفى يستقبل الآلاف من المرضى يوميا..مشفى يغنيك عن كل شيء فتجد الكافتريات ومكاتب حجز الطيران والصيرفة وبيع المستلزمات الطبية والأدوية والأدوات المنزلية وكل مايخطر ببالك حتى الأحذية والشباشب

ما راق لي في بوابة الدخول هو ذاك الموظف الذي يرتدي الزي الهندي التقليدي ويعتمر عمامة صفراء بلون الثوب الذي يرتديه ومزركشة بخيوط ذهبية وتنتهي بريشة في مقدمة الرأس ..لا أنسى ابتسامته لمدة ثلاثين يوما قضيتها بالمشفى..

حتى بتنا صديقين كنت أجيد قليلا اللغة الإنكليزية مما تعلمته من سنوات دراستي جعلتني أتبادل معه بعض الأحاديث

كان يستقبلني وكل المراجعين بإنحناءة بسيطة ويضم كفيه مرحبا.. كان زيه القومي يتغير عادة لا أدري حسب المناطق

مما راق لي هناك هو ممنوع إعطاء البخشيش لأي عامل بالمشفى.

سأهمس لكم سرا آخرا صغيرا..

قام بعض المرضى العراقيين ومرافقيهم بمنح عمال الخدمة هناك بعض النقود..مما جعلهم يتقاعسون عن أداء واجباتهم ويطالبوننا كلما قدموا لنا خدمة بالبخشيش..

كان الزي الساري حاضرا في المشفى وفي كل مكان بنقوشاته الجميلة المثيرة وجمال نساء الهند ورشاقتهن وضفائرهن السوداء الطويلة تضيف نكهة خاصة للزي

أذكر الطبيبة المسؤولة عن جناح خالتي

تأتينا كل صباح مرتدية الساري وبشرتها السمراء وأبتسامتها الرقيقة تضيف سحرا للساري

يوما ما طلب مني الموظف المسؤول عن المرضى العراقيين الذهاب الى شركة السفر لتأكيد موعد العودة للبلاد.

أستقليت سيارة مع بعض الأشخاص..قبل ان نغادر حذرني الموظف من اللصوص ..وطلب مني أصطحب معي القليل من المال ..وحذرني من إعطاء اي فقير مبلغا من المال لأني لن أنتهي إلا وقد حاصرني الفقراء ولن أستطع الخلاص.

كانت المسافة بين المشفى والشركة طويلة أخذت منا وقتا ..وكانت هذه فرصة لأتجول بالمدينة وأطَّلع على بعض معالمها برفقة السائق الذي كان يجيب عن إستفساراتي وأحيانا يقوم هو بتعريفنا ببعض المواقع الأثرية والحضارية..

أجمل مايلفت النظر هو تلك المساحات الخضراء يمكنك أن تلاحظ أنواع من الورود لم أرها أو أسمع عنها بحياتي ..

ورود تأخذ العقل بجمالها ..

مررنا بطريق شُقَّ وسط غابة الجميل بالأمر هو تشابك الأشجار فوق الشارع أضاف جمالية لاتوصف..

مباني قديمة ذات طراز فريد ذكرني بعضا منها بمبنى محطة القطار في مدينة الموصل كانا متشابهين ربما لخضوع البلدين للأستعمار البريطاني ..شوارع دلهي جميلة وواسعة

لتستوعب الزخم الكبير للسيارات الريكش اوتو ريكشا والستوتات التي يستخدمها اغلب الناس وكذلك الدراجات النارية ..تستخدم وسائط نقل وبكثرة ..بالمناسبة يوجد في كل مكان بدلهي مواقف كبيرة خاصة للدراجات ..

….

رغم البنايات الشاهقة ذات التصاميم المتميزة والجسور الشاهقة والأسواق الضخمة والديكورات الفائقة الجمال

رغم هذا الجمال والصورة الناصعة التي رأيتها ورُسمت تفاصيلها في ذاكرتي

تُقابلها صورة بل صور أخرى ترسم قتامة وسوداوية في مخيلتي صور الفقراء والمعوزين صور نساء تمتهن الكناسة لتسد رمق عوائلهن وتعمل في أعمال البناء التي خُلقت للرجال صور عوائل تفترش الأرصفة ومجسرات الشوارع مأوى لها تسترها من تقلبات الجو ..

بعيدا عن السياسة التي لا احبها ولا اطيقها وبعيدا عن قوانين الدولة وظروف سكانها المعاشية وانتماءات السكان الدينية بعيدا عن كل ذاك تلك الصورة ماتزال توخز في داخلي بألم

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى