قرونٌ مضت


لمياء عبدالله النفيعي
وقفت هنا
لا أعلم ما الذي حل بي؟!
تبعثرت مشاعري..
وبِتُّ حزينة
كسيرة الفؤادِ..
أسأل نفسي..
أين تلك الأمم الخوالي ؟!
أين قصورهم؟!
أين حصونهم المتراميه ؟!
أين الديباج والزرابية ؟!
أين !!
المآذن كانت
تصدح بـ “الله أكبر”
في كل ضاحيه..
أين دار العلوم؟!
فكم ارتوى منها
القاصي والدانيه..
أين ” الطارق ” !!
الذي خاض الأمواج
العاتيه..
ومن خلفه الصواري
حُطامٌ جاثيه..
ونثر في طريقه
ورودٌ ناميه..
أين !!
“الناصر” سليل مجد معاويه..
بنى مجدٌ يُضاهي الشاميه..
أين نخلاته ؟!
كما هيه على عروشها خاويه !!
أين !!
قصره الشامخ..
لم يبق منه إلا جدرانه العاريه..
أين ” زُرياب”
ومعازفه وجواريه..
وابنائه الثمانيه..
وطقوسه وفنونه..
وأوتار عوده..
وملابسه الزاهيه..
أين”صُبح” الجاريه؟!
من خلف الستار
الآمرةُ الناهيه..
اغُتيلت أحلامها
في ثانيه..
أين “الحاجب المنصور”
صاحب الهمة العاليه..
توارى تحت الثرى..
ورثاه الشعراء والراويه..
وأنَّت عليه الطيور
والجبال الراسيه..
ورقصتْ على رِفاته
قشتاليه !!
أين “المعتمد”
وأشعاره ..ودلاله
وأيامه المتباهيه
مات أسيرًا منفيًا
في ليلة خريفٍ قاسيه
أين “اعتماد”
الحسناء الباهيه..
توارت في “أغمات”
بأطمارٍ باليه ..
وكأنها لم تَمْش يومًا
على طين من الأضاليا..
سَلْ ” الزلاقة”
أين المرابطين..
سَلْ “الأراك”
أين الموحدين..
ودَوِيّ
صواهل خيولهم
وصِلال سيوفهم
في قلب كل رابيه
أفلت شمسهم
حين كل نفسٌ لاهيه
لم تعيها أذنٌ واعيه
سل غرناطة
أين “عائشة الحرة”؟!
الناصحة المتفانيه..
جابهت بروحٍ عاليه..
حتى سلمت
مفاتيح سراياها الزاهيه..
أين ابنها “الصغير”؟!
الذي بكى كالنساء
البواكيا..
ضيع تاج قرون ثمانيه..
أين جنوده والحاشيه..
ورغد العيش
والحياة الهانيه..
من بعدهم..
توالت النكبات
متتاليه ..
وجرت أحداث
داميه ..
من هول الفجيعة
وجفت القلوب ..
وبكى المشيب
والجاريه..
وناح حمام الأراكيا
كم تَرَكُوا من جناتٍ
و أنهارٌ جاريه ..
ولبسوا ثياب الذل
والهوانِ ..
وغرتهم الدنيا الفانيه ..
قرونٌ مضت
كأنها أيام ماضيه !!
فإذا مررتْ من هناك
أبكْ !!
و أنصتْ لأنين الساقيه..
و نحيب ناي الراعيه ..
وتأمل من حولك..
هل ترى لهم من باقية؟!
فلم يبق إلا أطلالهم
ولحودهم في كل واديا
قرونٌ مضت
و مازالنا نرثي
إشبيليه !!