الغريب


محمد الرفاعي
يتكيء عَلَيَّ ..
حَائِطُ غرفتي ليلاً.
وأحياناً
يُكَوِّر العتمة في يدي
على شكل كرة
ربما
نلعب معاً
وبينما
تسيل الوحدة
من أطراف أصابعي
كنت أراقب قلبي
وهو يذبل
فيجف ..
ليتهاوى من مكانه
كأوراق الخريف
أكانت
هذه الحياة
تقصد جرحنا ..
أم أننا على جبهة الحياة
جُرْحٌ خفيف
يقول البيت
بعد أن فقد عائلته: هو يشبه
جذعاً مقطوعاً ..
لشجرة اقتلعتها الأيام
تقول الأيام؛ هو يشبه دموعه
بعد أن جففتها المسافة
تقول المسافة؛ هو تَائِهٌ
يبحث عن ظِلِّهِ
في عيون الطريق
يقول الطريق؛ في كل خُطوةٍ
كانت تمحو قدماه الطريق
وبعد أن اتكأ
عَلَيَّ..
حائط غرفتي بكل ثِقَلِهِ
وبعد أن تحولت
مشاعرنا ..
لطوابع بريد تبهت
على جسدينا
كُنَّا
نحاول معاً ..
أن نجمع كل الأسباب
المتناثرة حولنا
للتنفس
هو يظن
أنني أسنده
وأنا
يُخَيَّل لي
أنه حضن ناعم
كِلانَا
يتوكأ على الآخر
كِلانَا
يملأ بالأخر
فراغه
وبينما
يتحول القمر
للمبة نيون
وتذرِفُ النجوم
دموعاً فضية
وبينما تذوب
كل النوافذ المطلة
على السماء
وينزلق
صوت “أم كلثوم”
بخفة من اذنيّ
وهي تردد؛
“حيّرت قلبي معاك”
ظل
يبهت الليل السرمدي
في عينيّ
ظلت تَرْتَعِش
غرفتي العارية ..
وتنكمش أضلع سريري البنيّ
في نفسها
دون سقف
دون أرض
دون سماء
وأنا انسج
من رؤاي ..
قصيدة سمراء
واقول للحَائِط؛ ” لا عَلَيْكَ
أَيُّهَا الغريب ”
فيوماً ما.. يوماً ما..
سيضُمُنَا معاً ..
وَطَنٌ سَعِيد.