حديقة المحبين


سمير الشحيمى
خذ خاتم الخطوبه لا أريد منك شيء وما بيننا إنتهى
قالتها خطيبتي وأنا منصدم من قرارها قالتها وألقت الخاتم على الطاولة ورحلت
دارت الدنيا برأسي وخرجت من المقهى الذي كنا فيه ومشيت على قدمي مسافة طويلة وسط زحام السيارات بالمدينه حتى أصابني التعب من المشي ورأيت أمامي حديقة جميلة لها أبواب مزخرفة تحفها أشجار الصنوبر من كل إتجاه دخلت إلى داخل الحديقة لأجلس وأرتاح من عناء المشي وحرارة الشمس وجدت مقعدا فارغا تظله شجرة صنوبر كبيرة جلست على الكرسي
كانت الحديقة جميلة جداً وهوائها عليل وأصوات العصافير بكل إتجاه والأطفال يلعبون ويمرحون مع مرور الوقت وأنا غارق بالتفكير مر بجانبي رجل عجوز قال لي : كيف حالك يابني هل لي أن أجلس بجانبك؟
رددت عليه بضيق :وهل أنعدمت الكراسي بالحديقة لكي تجلس بجانبي؟
العجوز مبتسما وهو يجلس وكأنه لم يسمع ماقلته : شكرآ لك أن الجو جميلا جدا
أنا لا أرد عليه لكي لا أجرحه بردي وأنا في حالة غاضب
ثم قال العجوز: مالذي يزعجك؟
قلت :ياعم أليس لك مكان تذهب إليه دعني وأهتم بشؤونك الخاصه
العجوز مبتسما: هل هي غاضبه منك أم أنت غاضب منها؟؟؟
قلت :من هي؟
العجوز : حبيبتك هل هي غاضبه منك هل تركتك؟
قلت :هذا ليس من شأنك
العجوز : هذا مايحدث بين المحبين تختصمون وتزعلون ولكن تتراضون
أنا قد تضايقت منه فقررت النهوض من الكرسي والرحيل لكن أستوقفني كلامه عندما أسترسل قائلا:في حياتنا. الحب ليس فقط إتحاد هوى .. تفاهم .. تلاؤم، و إندماج عقلين. بل هو أيضاً إرتياح الفطرة إلى فطرة أخرى تأنس بها وتكتمل بوجودها.
أنا: لقد قدمت تنازلات كثيره لها وفعلت لها أشياء كثيره ولأني أحبها ولكن هي لا تريد أن تقدم تنازلات من طرفها
العجوز : ستأتي هذه تنازلات مع الوقت دام إنها لا تمس بكرامة الآخر
أنا : وما أدراك أنت؟
العجوز أخذ نفسا عميقا وقال مبتسما وينظر إلى طرف الحديقة : هل ترى ذلك الشاب إنه حسام وتلك حبيبته سهى يحبون بعضهم منذو سنتين إنهم ينتظرون التخرج من الجامعه لكي يرتبطى
أما ذلك الذي يقف أمام بائع الورد ببدلته العسكريه يدعى مصطفى يشتري باقة ورد والفتاة التي ترتدي بلوزة حمراء منقوش عليها الورود هذه حبيبته كاميليا اليوم أنهى مصطفى عسكريته بعد غياب عام كامل وهي تنتظره بفارغ الصبر ليتزوجوا ؛ أما صاحب السياره تلك وصوت أغنِية لراشد الماجد (مشكلني حبك ياروح الروح مشكلني وأتعبني قلبك مع الحساد أتعبني) فهذا إسمه سيف والفتاة التي على يمين مقعد الحديقة المطله على الشارع ترتدي قميص لونه وردي حبيبته ردينه غدآ مساءً خطبتهما بعد خلاف عائلي إنتهى لله الحمد برضى الطرفين؛ لكل واحد هنا بهذه الحديقة قصة يا بني ليس خطأ أن تحب ولكن الخطأ عندما تختار الشخص الغير المناسب
أنا بعد أن هدأت عصبيتي : لكن أنا أحبها وهي تحبني منذ سنين.
العجوز:عليك الإنتظار فأنت تقول هي تحبك إذا ستتواصل معك عندما تشعر أنها بالغت في ردت فعلها
وما هي إلا ثواني حتى رن هاتفي إلا وهي خطيبتي تتصل بي رددت عليها بسرعه وصوتها حزين وتتأسف وتطلب مني الحضور بنفس المكان الذي غادرنا منه
نظر إلى العجوز وأنا فرح وسعيد : لقد إتصلت بي وإنها تريد العودة الي.. هل تصدق ياعم ؟
العجوز وهو يضحك : نعم ألم أخبرك هيا إذهب بسرعه قبل أن تغير رأيها
أقول له وأنا أمشي مسرعا إلى خارج الحديقة :شكرآ لك ياعم؛ لم أعرفك من أنت؟
العجوز : أنا حارس الحديقة وأن أحتجت اللي سأكون هنا دائمًا
رحلت مسرعا خارج الحديقة ولم أسمع ماذا قال العجوز بنهاية حديثه
وعند غروب الشمس خرج العجوز من الحديقة وأغلق بابها معلنا نهاية يوم جميل وعلى باب الحديقة كتب ( حديقة المحبين)
إنتهت.