رحلــوا الأحبــة بـلا عتـبٌ ولا ذنبُ
تركـــوا صمتًـا وأنينًـا يُفــزعُ القلـبُ
كانت طفولتهـم شمــــوعًا تُـدفـأنـي
أين ألعابهــــم والأقــــلام والكُـتــبُ
أين ضحكاتهم التي ملأت السـحبُ
ومشاكستهــم بســببٍ وبـلا ســـببُ
أين البـكــاء والفـــــرح والشــغــبُ؟
أين الغنـــاء والأنغــــام والطــــربُ؟
أين سباقهـم فـي حبي لـي يجـري؟
أين الحــبُ لطـالمــا مـــلأ القــلــبُ؟
أين زحامهــم مــن أجلــي بالحـبُ؟
ومــن يفـــوز لإرضـــائي بالقــــربُ
أين بـراءتهـم التي خطفـت العقــلُ
أين ندائهــــم حينمــــا يرتعبـــــوا؟
بالأمسِ كانوا هُنا واليـوم افترقـوا
أين هـم مـن أحضانـي فقد ذهبوا؟
كــم مـلاءوا الـديارَ مرحًـا باللعــبُ
قـد خـلت وبـات الحــزن والغضـبُ
أصبـح منزلٌ صامتٌ مُرعـبٌ بالألمُ
كريــحٌ سَكـنت باعصـارها الشُـهُـبُ
أخـذوا إشراقهــم والضيـاء معهــم
وأظلمـت الغـــرفُ حينمــا غَربـــوا
أراهـــــم فــي صحـــوي ومنامـــي
أرى لعبهــم وضحكاتهــم إن وثبـوا
أبصرهــم فـي أحلامــي أناجيهـــم
وأصحـو على ســرابٌ وبـي التعـبُ
أسمـــع أقدامهــم الصغـيرة تحبــوا
وكـل الأماكـن لهـم جميـل الصخبُ
أيـن النوافــذ ولزجاجهــا كســـروا؟
وجــدرانًا بألوانهــــم قـد شغبــــوا
وعلـى الأبــــواب دائمًـــا رسمــــوا
بالقلــــمِ حفــــــروها بمـــا كتبـــوا
لمــوزٍ وقـــع أرضًــا وبـه دهســـوا
فسقطـوا ضحكًا كثيـرًا وانتحبــوا
لازال صحنهــم بـه بقــايا مأكلهــم
لطالما عشقوا علبة حلواهم الذهبُ
لـــم أعـــــد أرى بريــــق أعينهــــم
ودموعهــم كلما حَزِنـوا أو غضبــوا
أنـي أراهـــم كلــما أتيـت وأذهــبُ
لي عْيُنٌ تلاحقهــم كصقـورٍ سَرِبـوا
دمعــي كتمتــــه بالمقــــلِ حينمـــا
رحلــوا، وبسيــارة الفــراق ركبـــوا
بكيت كطفــلةٍ قــد أصـابـها اليتــمُ
فصـــارت وحيــدة بـــلا أمٌ ولا أبُ
أيا فلذات أكبـادي أنسيتم لكـم أمٌ؟
أأخترتـم أحضانًا ترضعكـم الحـبُ؟
أواه يا قلبُ أأصابك جنونًا وكرب؟
أنُـزعَ مـن أضـلعك ثمـارك الرَطـبُ؟
فلازالت الـروح تطوفهـم، وبالقلـبُ
لهـم متسـعٌ، إن بعـدوا أو اقتربــوا.