مزرعة الحرية ..الفصل الرابع
الكاتب فايل المطاعنى
صديقي العزيز علم أنني أريد أن أبدأ من هذا الرجل الحارس محمود الملقب بالصعيدي.
ومددت يدي إليه مصافحآ ،وهو لا يزال ينظر إليّ بإرتياب وملامح خوف بدأت تتلاشى تدريجيا عندما علم أنني صحفي لا أملك إلا ورق وقلم، والحقيقة أنني أمتلك أيضا كاميرا ،وبحدسي علمت أنه لا يحب التصوير بل ترتعد فرائصه إذا رأى أحد يصوره ولو على سبيل على المزاح أو الخطأ ، فأنتحيت به جانبا وقلت له :مارأيك أن نتحدث قليلا قبل أن يحين موعد العشاء ،فأنا وقتي ضيق وأضفت ضاحكا ولا أريد أن أرمي خارج أسوار المزرعة في هذا الوقت القائظ.
صعب أن تتحدث مع شخص خائف من مجهول، ولكني حاولت أن أطمئن ضيفي بأنها مجرد دردشة ،ربما يتبنى أحد ما، قضيتك وتنتهي مشكلتك.
ورأيت دموعه ،ساعتها علمت فعلا أن دموع الرجال لا تخرج إلا لخطب جلل…!
محمود ، شاب متوسط الطول ، أسمر ،على خلاف من أقرانه من المصريين،أظنه أقرب شبها إلى محمد منير منه إلى أحمد زكي، وعندما قلت له إنك تشبه منير قال ضاحكا :منير (بلدياتي) بمعنى أنه من بلدتنا
وبعد أن شربنا الشاي الصعيدي الثقيل تكلم محمود فقال:
أنا من بلدة جميلة ،لا نعرف السهر ،ولا نسمع الأخبار ،نستيقظ مبكرا لنحرث الارض، وعند منتصف النهار تأتي فاطمة حاملة الزاد.. ونأكل من خير ربنا ،ونحمده ،وعندي ولد صغير أسمه مصطفى لسه صغير ،عمره سبع سنين ونصف، أخذه معي للارض ،وأعلمه كيفية رى الزرع ،أصله يا بيه ده سلو بلدنا، الصغيرين لازم يتعلموا إزاي يزرعوا عشان دي أرضهم ،وهنا سقطت دمعة كبيرة ،لم يستطيع أن يخفيها .
وسكت وكأن الطير حطت فوق رأسه..وأنا أحاول أن أجعله يسترسل في الحديث ..محمود محمود
وإذا به يصرخ وبأعلى صوته ويقول : ليه يا هنداوي عملتها ربنا يسامحك ،ربنا يسامحك.
حاولت السيطرة على الموقف ولكن لم أستطع ،وبعدها بدقائق جاء صديقي يقول :حان موعد العشاء،هنا وقت الطعام محسوب واذا لم تحضر لا يصرف لك أكل .. وقال ضاحكا: وأظن أنك جائع ولا تريد عصافير بطنك أن يموتوا جوعا،وتركت محمود وأنا أجزم أن هناك سر كبير يخفيه هذا الصعيدي …..تابعونا
رجال في مزرعة الحرية