جوهرة مهدي القرشي
عقارب الساعة تتحرك في ساعة الحائط بتقدير ٢٤ ساعة ولكن تقدير الزمن يمضي مختلف في دواخلنا …ليلة عريس ارتدا لباس زفافه ليلاقي محبوبته ليست كليلة أسير قيد ليلاقي سجنه…وليل من لديه موعد سفر سياحي صباح ليس كمثل ليل من بات في مستشفى ينتظر عملية جراحية تنتشله للحياة… الوقت يمضي متماثلا المدة ولكن الزمن يختلف تقديره علي تقويم أمزجتنا وعواطفنا وتصوراتنا عن الحياة .
مابالنا نشعر حينا بالثواني مع كل دقة قلب وكاأنها تعزف إيقاع جاعلة من الدقيقة لحن تطرب به الساعة وتحلق في خفة شعور بالروح خارج حدود الزمان والمكان. ومابالنا حين تثقل علينا وكاأنها تنهيدة أحتبست في خلاجات النفس ودمعة أبت ألا أن تبيت في محجر العين.
ثانية تحيينا وثانية تقتلنا والوقت هو الوقت.
ذاك يبحث عن ضياع الوقت مابين تفاهة وملذات هروب من الملل. وذاك يستثمر الوقت في بناء صرح إنجازات هروب من الفشل .
ثانية تحطمنا وثانية تصنعنا والوقت هو الوقت.
حياة مترفة ، صداقات عديدة ، رحلات متنوعة ، سعادة مفقودة في سلسلة مادية لامنتهية .
حياة ميسورة ،عائلة ملمومة ، بيت صغير ، سعادة مرسومة من قطعة خبز مقسومة في سلسلة رضا لامتناهية.
ثانية لايعطيها الكثير معنى وثانية منحها القليل حياة والوقت هو الوقت.
سنين زاهية بسطت ذراعيها لتعانق باأبهى الحلل كاسيتن وجوة نضارة وملامح إشراقا وأيام دف العيش.
سنين عجاف عقدت حجبيها عابسة في شحوب وجوة وذبول ملامح وأيام باردة الجفاء.
الوقت هو الوقت وليس مرورها هو نفس المرور.
لحظات الفرح تعج انتعاش بالحياة والبهجة حركة وتتدفق تنساب فيها الساعات بعذوبة فتطوى في دقيقة.
لحظات الحزن تثقل كاهل الأيام ضجر ورتابه توهن العزيمة وتتقهقر دقائقها وتتبطأ ساعاتها وكاأن المشيب أدركها.
الأرواح العطشى يدركها الوقت ولاتدركه تمضي الشهور دون أن تتنفس نسمات الصباح وتغرب الشمس وهي لم تحتضن دفها ويسكن الليل وهي ثائرة يجري عليها الزمن كم ويتوقف عنها كيف.
العمر مرة كلنا يررد هذه المره ولايعرف كيف يعيشها ألا يستحق هذا العمر أن يعيش تفاصيل ثوانيه ودقات دقائقه بسلام وصفاء وسكينة.
أما أن الأوان أن نترفع عن منازلة الحمقى ونتوقف عن الصراع.
أما أن الأوان أن نسترق الهدوء من بين أنياب الضجيج وننعم بالصمت في حضرة الجهلاء.
أما أن الأوان أن ننفض عن النفس غبار الماضي كي تحيا اليوم وتتنفس الحياة.
الوقت سر الوجود
به تتدرك السعادة أو يدرك الشقاء
به يدرك النجاح أويدرك الفشل
به تتدرك الجنة أو تتدرك النار
والوقت هو الوقت.
