الأدب والشعر

أَمسترْدامُ عَلَى موعدٍ لتتويجِ نجمِ الدّراما اليمنيّةَ “خالدِ حمدانَ”  

مجيب الرحمن الوصابي

مجيب الرحمن الوصابي

يَبدو أنّ رغْبة الفنانِ الشُموليّ” خالد حمدان” في التغلُّب على القِمم جَعلتُه شخصًا أكثرَ صلابةً وثباتًا، فهو في ازدهارٍ دائمٍ ينطلقُ كالسهم في خطٍ مستقيمٍ من قمّة إلى قمّة، أين هي القمّة الباردة منك يا ” خالدَ حمدانَ” أين؟ ..

 

كَتَبْنا ذاتَ انبهارٍ عن ” خالدِ حمدانَ ” وصفًا لا حكمًا مع التعليل بأنّه نجمُ الدراما الأوّل في اليمن لتعدُّدِ مواهبِهِ وتقمّصه المتقن للأدوار المختلفةِ على الشاشة وعلى خشبة المسرح؛ فشغبَ علينا من عدّ هذا تعصُّبًا وانحيازًا غير منصفٍ؛ ولا موضوعيّ للفنان المخضرم “خالد حمدان “كونه صديقًا مقرّبًا ورفيق درب كفاح، تعليمًا ودراسةً وملاعبَ رياضية …. والخبز في الحيّ فقير… وشهادتنا فيه مجروحة.

 

زَعَمُوا حينَها أننا لا نفهم بالفنّ؛ ولسنا مؤهَّلين للتقييم وإصدار الأحكامِ مع أنني كنت ممثلاً في بداية حياتي وكان خالد حمدان ” شاعرًا وخطّاطًا” وقد درستُ المسرح والدراما في مراحل مختلفة من عمري … “خليك في الأدب والنقد والفلسفة وأساليب التدريس… خليك “الطبازة والمعقلة” يقولون…

 

مَاذَا تقولونَ وهو ـ اليوم مرشَّح بجدارة لجائزة عالمية كأفضل ممثل عن فيلمه الأخير ” المُرهقون “؟ وتم ترشيحه ” لحفل جوائز سيتيموس ” في هولندا؛ كأفضل ممثل أسيوي والذي سيقام في 26 سبتمير 2023م وهي من المهرجانات السينمائية المهمة عالميًا، وهذا الترشيح هو بمثابة إنجاز كبير للسينما اليمنية.

 

 

يَحْكُون أنّ أصعبَ الأدوارِ التمثيليةِ في اليمن يجيدها “خالد حمدان” هكذا يعرفه المخرجون، ويدَّخرونه؛ فيسندون له أصعب الأدوار، وكلّهم ثقة في مهنيّته العالية وتقمُّصه المذهل للشخصيات وتشكُّلاتها.

 

 

حَقيقةً ــ لَمْ يكن يدورُ في خُلدِ “خالد حمدان” أنّه سيكونُ ذات يومِ ممثلاً إلى أن قابله الأستاذ والمخرج المسرحي “جمال كرمدي” المدرِّس في معهد الفنون الجميلة بعدنَ، وكان “بن حمدان” يُعاني حينها خيبة أملٍ كبيرة إبّان دخوله لمعهد الفنون بسبب التخصُّص الذي رغب به وهو الفن التشكيلي، واكتظاظ الطلاب فيه..

 

 

فَقَدْ توسّمَ فيه “الكرمدي” رحمة الله عليه وما خاب توسُّمه موهبةً مدفونة في “خالد حمدان”؛ فأدخله قسم المسرح بالمعهد، ولم يكن حينها “خالد حمدان” يُدرك شيئًا عن فنون المسرح .. إذ لم تكن له سابقة على خشبة المسرح المدرسي يومًا أو غيره؛ وإن تمنّى ذلك في قرارة نفسه، ووقت دخول امتحان القبول أمام لجنة مكوّنة من كبار الممثّلين والمخرجين المخضرمين في عدن، وبعد نصائح وتوجيهات من الكرمدي” لحمدان … استطاع بها خالد حمدان اجتياز امتحان القبول والتفوق فيه؛ إذ هي معركة لتحقيق الذّات مصيرية بالنسبة له والتحدّي.

 

 

ويتصدّرُ “خالد حمدان” المشهد الدّراسي في المعهد ويكون الأوّل في دفعة المسرح خلال سنوات الدّراسة الأربع، ويصبح معيدًا في معهد الفنون الجميلة، وهي أهم مرحلة في حياته حيث صَقَل فيها موهبته بين النظرية والتطبيق متوِّجًا جهوده بدرجة الامتياز والعلامة الكاملة في “المسرح” تخصص تمثيل وإخراج، متتلمِذًا على أيدي أساتذة كِبار ومخرجين منهم المخرج المتميز “جميل محفوظ” والمخرج “خليل غانم” والأستاذ “عبدالسلام عامر والأستاذ “أخترعبدالملك قاسم” .. والمرحوم الأستاذ محمد ناجي رحمه الله

 

 

وهذهِ الشهادة المتخصصة مع الخبرة عزّزت حظوظه في التوظيف في وزارة “التربية والتعليم التي فضّل ـ “دنجوان “الشاشة اليمنية كما يُطلق عليه الناقد “منصور عامر”ــ الانتقال إليها والعمل في مجال الأنشطة وتركه العمل في المعهد معيدًا لأسباب خاصة.

 

 

أمّا المرحلة الثانية التي كُنّا شهودَ عيان فيها فهي اختياره للعمل ضمن هيئة طاقم تدريس ثانوية “عَدنَ النموذجيّة للبناتِ” في عام 2003م ؛ وأوّل دفعة متميزة ضمّت فضليات التلميذات في المحافظة التي كانت تعجُّ بالمواهب، ليستثمر “خالد حمدان الموهوبات في مجال التمثيل ليخرج مسرحية هادفة بعنوان ” محاكمة صلاح الدين ” من تأليف المتميز “إبراهيم الشاش”، ويحصد بجدارة المركز الأول على مستوى محافظة “عدن، ومن ثمّ الترشُّح للمشاركة في مهرجان المسرح المدرسي الذي أُقيم في العاصمة صنعاء 2004م ؛ ليتحصلَ الفريق الذي يقوده “حمدان على أفضلِ عملٍ متكاملٍ في وجود أولياء أمور الطالبات، وكان للحصول على المركز الأول على مستوى الجمهورية فرحةٌ غامرة وأثرٌ كبير في نفوسنا كطاقم تعليمي وإداري ، ولا اظن أن أول دفعة في ثانوية عدن النموذجية قد نسيت خالد حمدان، ومسرحياته.

 

 

سَنَعودُ بالذاكرة إلى الخلف قليلا لنرى أوّل ظهور للنجم خالد حمدان في الشاشة الصغيرة في مسلسل ” حنتوش ” الذي تم عرضه في تلفزيون عدن عام 1996 مع المخرج الكبير محمد محمود السلامي وبطولة “سالم العباب”، ومسلسل “طحطوح “إخراج المخرج الكبير “وديع مغني” والمخرجة القديرة “نادية الغضب” في عام 1998…وبطولة المرحوم “عقلان مرشد”.

 

 

وفي أثناء عمله في الأنشطة لثانوية عدن النموذجية يُقدم مسرحيّة ” حلا… حلا.. يستاهل ” وهي أوّل عمل لــ”خالد حمدان” تجمعه بالمخرج الاستثنائي ” عمرو جمال” لعب فيها خالد حمدان شخصية “محمد” الشاب المكافح في تكوين نفسه، وتتناول المسرحية بشكل ساخر روح التعالي لدى أصحاب التعليم الجامعي من خريجي المعاهد التقنية.

 

 

ومن أهم المحطات الإبداعية الفنية لخالد حمدان؛ والتي هي بالمناسبة محطاتٌ تاريخية في المسرح والسينما اليمنية مسرحية ” معك نازل” … المستوحاة من المسرحية الألمانية خط رقم واحد، تلقت إثرها فرقة خليج عدن دعوةً لعرض المسرحية في برلين عام 2010م .

 

والفيلم الجماهيري ” عشرة أيام قبل الزفة ” الذي حقق نجاحًا مبهرًا ويعدّه كثير من النّقّاد السينمائيين بداية مرحلة جديدة في تاريخ السينما اليمنية، بل هي البداية الحقيقة المعيارية وفيلم ” المُرهقون ” وكلاهما من إخراج المتألق “عمرو جمال”

 

 

حاليا يُعرض الفيلم السينمائي “المُرْهقون” في أكثر من مهرجان دولي وعالمي محرزًا العديد من الجوائز، ويقدّم فيه نجمنا “خالد حمدان “دور البطولة في دور أحمد ..وهذا الفيلم من تأليف الثنائي “مازن رفعت، وعمرو جمال” ..إخراج عمرو جمال، وهو الفيلم الذي يبدو فيه ” خالد حمدان” متفوِّقًا على نفسه وفي طريقه إلى العالمية كأفضل ممثل، ونتمنى له التوفيق والنجاح فهو وقد وصل إلى القمة يستمر في التسلق كما أنه وهو في القمة لم يسقط من السماء.

 

 

سنواصل الحديث عن مراحل حياة الفنان ” خالد حمدان” وكفاحه كما خبِرتُها عن كثب، في قادم الأيام، موثِّقين نجاحاته في المسرح ودراما الشاشة وأبرز المُخرجين المتميّزين الذين عمل معهم ” خالد حمدان” وساعدوا كثيرًا في إبراز موهبته الفذّة ــ بإذن الله .

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى