قراءة في رواية أنف واحدة لوطنيين للكاتب اليمني سامي الشاطبي 

رواية أنف واحدة لوطنيين هي رواية البحث عن الهوية الضائعة، وهذا ما يظهر للمتلقي منذ اللحظة الأولى حين يلقي نظرة على غلاف الرواية، أنف كبير أصفر اللون يرتدي بدلة رسمية أنيقة رمادية اللون ويحمل حقيبتين رماديتين أيضًا. اللون الأصفر هو لون الشمس، أي لون الأمل والتفاؤل والسعادة وهذه الصفات يتحلى بها بطل الرواية (صادق) الذي يعيش في منطقة رمادية محايدة بين مجتمعين مختلفين، يرفض كل منهما الاعتراف به، فهو من أب يمني وأم أثيوبية، يرفضه المجتمع الأثيوبي بسبب هيكل جسده الشبيه بهيكل والده اليمني، ويرفضه المجتمع اليمني بسبب لون بشرته السوداء.

بدأت الرواية بعبارة قالها صادق هي( اسمي صادق، ويلقبني الناس هنا في صنعاء بالمولد، كوني من أم حبشية وأب يمني) وتكررت هذه العبارة وتكررت هذه العبارة أكثر من مرة، كأن صادق أراد تذكير القارئ باستمرار بهويته الضائعة بين ثقافتين مختلفتين.

لغة الرواية هي الفصحى ذات المعجمية البسيطة البعيدة عن المفردات الصعبة، كما أنها تحتوي على القصة والخطاب، فالقصة هي التي تحدث دون تدخل الراوي في سير الأحداث ونلاحظ ذلك في سرد صادق قصة والده الذي طرد من القرية ظلمًا بسبب جشع شقيقه الأكبر بالميراث بعد أن اتهمه بقتل والده، أي جد صادق، فسافر إلى صنعاء ومنها سافر إلى أثيوبيا ليتاجر بالعسل وزواجه من أم صادق الأثيوبية. بينما الخطاب هو الكلام الذي يرويه الراوي ويؤثر فيه بغرض إيصاله للمستمع.

عانى صادق من الظلم والتهميش بسبب لون بشرته الأسود، زملاؤه في المدرسة ضربوه ومزقوا كتبه وعندما توفي والديه استولى عمه على ثروته وطرده وتخلص من كل ما يشير إلى هويته، خرج صادق من قريته إلى المجهول يحاول البحث عن ما يثبت هويته فذهب إلى مدرسته القديمة علَّه يجد شيئًا يفيده، عمل في أماكن عدة ولكن كان مصيره الطرد بسبب عدم وجود هوية، وما كان يصبره على هذا العناء الحب الكبير الذي منحته إياه أمه، فجعله ذلك لا ييأس ويتابع طريقه مشبعًا بالأمل ومحافظًا على قيمه.

انتهت الرواية بظهور شخص عرفه الكاتب بقوله: اسمي (….) ويلقبني الناس هنا بالمولد، كوني من أب (….) ومن أم (….) وبرغم أنني حققت كل ما رجوت وتمنيت ما يدفعني على التوقف لإكمال حكايتي فإن ثمة غصة عالقة في حلقي وقمة ألم يهب من الخارج ليغض مضجعي ويدمر كينونتي يكمن هذا الألم في(….). لم يذكر الكاتب اسم هذا المجهول أو هوية والديه أو الألم الذي يغض مضجعه لأن هذا المجهول ليس فردًا، بل ربما أفراد كثر سيأتون إلى الحياة مشتتين بين وطنيين مختلفين، ربما يكونون أفضل حالًا من صادق يحققون أحلامهم وطموحاتهم، لكن سيظل ألم الرفض، وضياع الهوية مأساة تحرمهم استقرارهم النفسي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى