الأدب والشعر

ما معنى أن تكون عزيز النفس؟  

شيخة الدريبي

شيخة الدريبي

إنَّ الحديث عن عزة النفس هو حديثٌ في الأساس عن القيم الإنسانية الراقية، وهو ويعتبر قاعدة للبناء الأخلاقي المتين الذي يمنح الإنسان مناعةً نفسية وإحساسًا بعزة النفس ، وهذا يحدث نتيجة تراكُمات إيجابية فعَّالة تنحت شخصية الإنسان في مراحل متعدِّدة ومسارات متنوِّعة، في حياتة ومقاومة الإغراءات المجتمعيَّة السائدة، وعزة النفس تعتبر تحصين النفس بدرعٍ واقٍ في ظل مجتمع المصالح الذي يكثُر فيه المدحُ الزائف والعبارات النِّفاقيَّة، في مجتمع يؤمن بالمظاهر الخارجية والقوة المادية التي جعلت المعتزَّ بنفسه عُرضةً للتبخيس مقابل ذلك نجد التشجيع والاحتواء لهذا الشخص لكي يتخلَّى عن عِزَّة نفسه.وتُعدُّ عزة النفس أيضًا من القيم التربوية والأخلاقية والتنشيئيَّة التي يتحلَّى بها الإنسان النبيل، وترفعه عن كل ما يُقلِّل مِن قيمة نفسه، ولا يتَّصف بهذه السجيَّة إلَّا الواثقون بانفسهم ويعيشون بعزَّة وكرامة بين الناس، وينفرون مِن مواضع الوضاعة والمهانة،..

 

لذا يجب ان تكون عزة النفس ممزوجةً بالتواضُع والوقار، وليستْ بالتكبُّر والتعالي وإقصاء الآخر وتحطيمه. لأنها تكمُن في احترام النفس وإبعادها عن كلِّ شيءٍ لا يليق بها والابتعاد عن كل ما يَشين الفعل الإنساني، والكبر والغرور ونبذ الآخر يُفسد السلوك البشَري.والشخص العزيز النفس تعرفه تلقائيًّا من تصرُّفاته الظاهرة التي لا تجد فيها أيَّ وجهٍ مِن أوجه الذِّلَّ والخضوع لغير الله سبحانه وتعالى، فلا يسمح لأحدأن يستقل شخصيته ؛ ويحرص على سلامة تصرُّفاته ونقاء طبعه، وهذا لا يترك مجالٍ لأحدٍ بأن يمسَّ ذاته وكرامته كذلك عزيز النفس لا يرى نفسه دون سواه ولا يتكبَّر على أحد، ويحترم الجميع.ويحاول خَلْق نوعٍ مِن الوعي الإدراكي عند الآخرين ليرفعوا مِن قيمة ذواتهم المَبْخُوسة…

 

لذلك مِن أهم الصفات التي يتميَّز بها عزيز النفس يشعرأن عِزَّة نفسه تجلب له السعادة والشعور بالارتياح وراحة الضمير التي توفِّر له السعادة الداخلية وتجعل صدره يمتلئ انشراحًا، وبذلك تكون عزة نفسه مصدرًا أساسيًّا لشعوره بالفخر والرضا. ويُدرك ا أنه المسؤول الوحيد عن أفعاله ويحذَر كثيرًا من التصرُّف بسلوكٍ يُسيء له،و لايُحاول خلق مُبرِّرات واهية لما فعَله؛ ولايرضى أن يضَعَ نفسه في موضع المهانة. فهو يحترم نفسه، ويعرف حدوده ولا يتجاوُز خطوطه الحمراء، ولايسمح لغيره بتجاوُز حدوده معه. ويعتمد على ذاتة، ولا يستغلُّ الآخرين، ويتجنَّب تحميل أعبائه لغيره ولا يرضى أن يكون استغلاليًّا وصاحب مصلحه لأنه ليس طماعًاو جشعًا لشيئ ليس مِن حقِّه …

 

كذلك يحرص عزيز النفس على ضبط تصرُّفاته، ولا يتوسَّل سوى للعلي القدير وبشخصيته المتزنه لا يُمكن أن يتخلَّى عن عزة النفس؛ بالرغم ممَّا يواجهه من مواقف وصعوبات في الحياة لذا فعزة النفس تُعطي لصاحبها الاحترام والوقار.إن كان له حاجة عند الآخرين يطلبها بعزَّة نفسٍ، ولا يُذِلُّ ويحقر نفسَه لكي يحصول على ما يطلبه وأذا وجد نفسه في خطَرٍ يستغني عن حاجته عزَّة النفس تمنعه مِن وضع نفسه في مواقف مسيئة لشخصه أو للآخرين وتبقى الحياة قصيرة جدًّا، ولا قيمة للعيش فيها بدون عزة نفس، فلا داعي أن يُذِلَّ الإنسان نفسَه لصغار الأمور وإلى ما تشتهيه نفسه الأمَّارة بالسوء؛ لأنه لا يوجد تبرير واحد مُقنِع يستوجب ترك عزة النفس وإسقاطها، فذاتُك أغلى ما تملك، ولا حاجة لك أن تقايضها بشيء آخر ولا تأتي عزة النفس هكذا جهدٍ لأنها بمثابة ثمار طيبة لمجموعة مِن القيم المغروسة وتتطلَّب منك أن تكون حامدًا لله شاكرًا له في نفس الوقت، وأن تكونَ صريحًا، وتواجه الحياة بشجاعة وقوة، فمتلك القدرة على نقد الذات ومعاوَدة النفس والأفكار وتقييمها بشكل دائم ..

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى