مساء في كوخ المحبة
بقلم : محمد ريانى
ما إن وطئت قدماي الكوخ الخشبي حتى عادت بي الذاكرة إلى الأيام الخوالي واجتمعت أمامي الذكريات، الذين سيحضرون معي في مثل سني وبعضهم أقل وغيرهم ربما أكبر وأكثر، أخذت نفسًا عميقًا جدًّا في الكوخ الأنيق، ارتسمت أمامي الصور الزاهية لأولئك الذين زاملتهم أيامًا فمضى العمر وانقضت أيام العمل ولكن الذكريات لاتزال في الوجدان وفي شغاف القلب، ولأن القادمين من جهات متفرقة فإن النسيم القادم معهم في مساء الخميس جعلني أستروح رائحة العود والصندل تنبعث من الخشب المصفوف بهندسة فاتنة، ويمضي الوقت ويحضر الماضي بكل تفاصيله على مائدة المضياف حمد الذي جعل الآنية العظمى وعاء فخمًا لملتقى الأحبة فتشكلت زهور آنية فريدة سكبها التاريخ وسبكها فاتنة رائعة في ليل استثنائي.
كان ليل الخميس ليلًا رائعًا بالفعل؛ حضرت فيه فصول الحصص القديمة ووسائل الشرح العتيقة والطرق الوعرة نحو الجبال والأماكن النائية، وفي بعض ليلة سرت حكايات وروايات الماضي الجميل وقصص المعاناة من أجل العلم ونشره في ربوع السراة ودهاليز الأودية النائية.
كان مساء الكوخ أشبه بملتقى الأساطير؛ لم لا والحاضرون كانوا بالأمس ساسة التعليم وقادته وصانعي خارطته وبعد أن طووا صفحات المجد ظلوا يحفظون في ذاكرتهم ألف ألف كتاب عن التعليم وأسراره وشؤونه وشجونه ومع مضي العمر لاتزال ابتسامات الماضي الجميلة ترتسم على الوجوه على الرغم من تعاريج وندبات العمر.
ما أروع مساء الخميس الذي جمع قيادات تعليم جازان في الماضي في كوخ جميل عطروا فيه المساء بأريج ذكرياتهم في الوقت الذي شممت فيه رائحة خشب الكوخ مثل غابة عود فواحة.
خرجت من هذا الليل بهديتين جميلتين هما خط جميل سأظل أحتفظ به وقلم رائع سيكون في متحف ذكرياتي.
أرجو أن تتكرر مساءات المحبة على وطن المحبة.
لقاء المحبة لقدامى قيادات تعليم جازان