الأدب والشعر

دموعٌ على البحر

محمد رياني

محمد رياني

آلمَني بكاءُ الصغيرة ، رمتْ نفسَها في أحضانِ أبيها وهي تبكي بحرقة ، لم أعرف سرَّ بكائها على الرغم من قربها مني ، الأجواءُ عند البحر كانت رائعة ، السحابُ يلقي بمائه في البحر ، الناسُ في غايةِ الاستمتاع بالمطرِ والجوِّ البديع ، غابت الشمسُ عند الأصيلِ واختفتْ خيوطُها ، حضرتْ خيوطُ المطرِ قطراتٍ باردة ، استمرتِ الصغيرةُ في البكاء على الرغمِ من البساطِ الفاتنِ الذي غطَّى الشاطئ ، سيطرَ عليَّ الفضولُ كي أُسكتَ هذه الصغيرةَ الحسناء ، اقتربتُ بكلِّ مشاعري نحوها ، قلتُ لها : صغيرتي انظري إلى السماء ؛ إنها تشبهُ جمالَ وجهكِ وهي تمنحنا المطر ، انظري إلى البحرِ وقد اختلطتْ ملوحتُه بماءِ السماء ، مسحتْ دمعتَها واتجهتْ نحوي ببصرها ، تركتْ حضنَ أبيها وعيناها تلمعان كوميضٍ فتان ، أمسكتْ بيدي وأنا أطمئنُ أباها أنها ستكونُ على مايرام ، مشتْ معي نحوَ البحرِ القريبِ وحوله صغارٌ مثلها يتقافزون كالفراشات ، قلتُ للصغيرةِ وقد انكشفَ وجهُ السماءِ وأَفرغَ السحابَ حمولته : انظري إلى السماءِ صافيةً ، ضحكتْ وبدا وجهها بلا دموع ، قلتُ لها : وجهكِ يشبه وجهَ السماءِ بعد نزولِ الغيث ، أعدتُها إلى أسرتها ، كانت سعيدةً وكنتُ أسعدَ منها ، لم أشأ أن أعكرَ صفوَ فرحتها وأسألها عن سببِ بكائها ، همستْ في أذني قائلة : هل تحبُّ البحرَ مثلي؟

ابتسمتُ عند المغيبِ وأنا أقول لها : أحبُّ البحرَ والسماءَ والمطرَ ومنظرَ دموعِ الفرح في عينيِ الصغار مثلكِ ، ضحكتْ ولوَّحتْ لي بيدها ووالدها يمسكُ بذراعها ، غابتِ الشمسُ واختفتِ الصغيرة ، رأيتُ على المكان الذي جلستْ عليه قطعةَ حلوى يبدو أنها قد نسيتها ، تخيلتُ أن صاحبةَ الدموعِ قد تركتْها لي كي لا أنساها ، وضعتُ قطعة الحلوى في جيبي ، ظللتُ أنشجُ مثلها ، لم أجد مَن يمسحُ دمعتي أو يخبرني عن وجهِ السماءِ مثلها كي أسكت !

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى