قصةٌ رائعةٌ داخلَ نفَقِ الأشعة
محمد الرياني
الساعةُ تقتربُ من الواحدةِ ظهرًا ، الآلامُ تدفعني نحوَ عملِ إشعاعٍ للكشفِ عن أسبابِ دفعِها كي يُصرِّحَ هذا الألمُ المبرحُ عن مكنوناته ، المسافةُ قصيرةٌ بين مواقفِ السياراتِ وبين مكانِ الفحص ، يقفُ في الاستقبالِ الأخصائي (ماجد) ينتظر القادمين بابتسامةٍ صادقةٍ تسبقُ خدمةَ الآخرين ، أشارَ إلى أحدِ العمالِ بأن يصطحبني إلى غرفةِ الرنينِ المغناطيسي ، المكانُ يُشعركَ بروعةِ ساكنيه ، صالةٌ أنيقةٌ استقبلني فيها ثلاثُ من فتياتِ الوطنِ وقد ارتدينَ معطفَ الصحةِ ، رحبتْ بي الممرضة ( إنعام) – عرفتُ اسمها لاحقا – ودَعتْني للجلوسِ والتقاطِ الأنفاسِ ، وقَّعتُ على ورقةِ المعلوماتِ الأوليةِ التي قُدِّمتْ لي بقلمٍ أزرق هو المحبَّبُ لي ، بدا توقيعي رائعًا أشبهَ بنجمةِ الامتيازِ التي يمنحُها المعلمون للطلابِ المتفوقين ، جاء دوري للدخولِ في نفَقِ الفحصِ الذي عرفتُه من قبل ، اقتربَ مني الأخصائي ( علي ) بابتسامةٍ ليخبرني بالأصواتِ داخلَ نفقِ الفحص ، قلتُ له ونحن نتحاورُ إنني اعتدتُ على تحويلِ المواقفِ السلبيةِ إلى إيجابية ، الصوتُ داخلَ نفقِ الفحصِ جعلتُه مثلَ تعليمِ الأبجدية ، فضلتُ أن أستمتعَ بالهدوءِ وغضِّ الطرفِ عن سَماعِ الأصواتِ التي تتبادلُ الأدوار ، نصفُ ساعةٍ عشتُها في عالمٍ غريبٍ وكأني في كوكبٍ بلا أحياء ، ضوءان خافتان يحيطان بي أرى من خلالهما الأملَ القادم ، انتهى الوقت ، استوقفني الأخصائي (علي محرق) والممرضةُ (إنعام عقيل) بينما زميلتهما الأخصائية ( رُبى بركات) تدعو لي كما زميليها بالسلامة ، غادرتُ الأشعةَ وأنا في غايةِ السعادةِ على مرأى من (علي وإنعام وربى والمتطوعة ميسون ) الذين يرون أن رؤيةَ الوطنِ هي رؤيةُ طالبي العلاجِ في قمةِ الأمان ، مررتُ على قسمِ الاستقبالِ لأشكرهم ، فوجدتُ عُرَّابُ الأشعةِ (محمد زميم) يُودعُني بابتسامتِه العتيقة ، ودعتُه وتركتُ لمَن هم بعدي فُرصًا أخرى رائعةً في مستشفى جازان العام .