الفصل الثاني .. ” الحرب العظمى” صدى الألم و الشجاعة و الواجهة
زينة البلوشي
مع الوصول إلى الواجهة في أوائل عام 1915 هنا بدأت تتغير الأوضاع بشكل جذري و انقلبت الامور رأسا على عقب و هنا بدأت تتعالى أصوات الرصاص و الأسهم التي تخترق أجساد الأبرياء و قد تعالت صرخات الألم و الخوف و كانت الجنود تسقط كأوراق الشجر و بشكل مستمر و على الرغم من صعوبة المواجهة و الفقد و بدا الجيش يتلاشى تدريجيا تحت وطأة الانفجارات المستمرة و التي قد سببت في سلب الكثير من ارواح البشر و اراقة الكثير من الدماء وعلى رغم هذه الفوضى العارمة التي سببت الكثير من الألم و الخوف و لكن من هنا بدأت انطلاقة محمد و قد كان مصمم على مواجهة مصيره و عدم الاستسلام و الانسحاب مثلما فعل الباقي من زملائه و قال بصوت أشبه بزئير الأسد من لا يخاف على وطنه حتما سينسحب و لكن أنا أخاف على وطني و ساحارب حتى تسلب روحي أو انتصر ثم بدأ الجيش بالرجوع مرة أخرى إلى المعركة و كلهم عازمين على الفوز و الانتصار بعد كلام محمد الذي بث في قلوبهم شجاعه و من هنا بدأت الشجاعة بالظهور حيث بدأت أصوات الدفاع و بدأت القوة و بدا الكل يستجمع طاقته و قوته حتى يستطيعوا تجاوز هذه المحنه كلهم معا و بعد فترة طويلة ما يقارب الأسبوع انتصر الجيش على الأعداء و قال محمد بكل افتخار ها نحن ذا و سنكمل إلى أن ننهي هذه الحرب الشنيعة و بعد الانتصار عاد محمد و زملائه المتبقين إلى مكان التدريب أو ما يدعى بساحة التدريب.
و في أثناء الليل و هم عائدين إلى ساحة التدريب قال أحد المجنديين : هل يمكننا الاستراحة هنا قليلا و إشعال النار حتى ندفئ و نرتاح و من ثم نواصل السير وافق الجميع على هذا الاقتراح لأنه الجميع كان بحاجة إلى الراحة و الاستلقاء و بعدها راو بحيرة شديدة الجمال و أصبحوا يتلذذون بشرب مائها و يغسلون أيديهم ووجوههم و جلسوا على حافة البحيرة و قام إحدى المجندين و الذي يدعى سالم باشعال نار هادئة عن طريق فرك حصيات ببعضهن لبعض و هنا بداو بالتحدث عن احلامهم و طموحاتهم و ماذا سوف يفعلون بعد انتهاء الحرب العظمى و في هذه الاثناء سرح محمد بعيدا عنهم و بدا يتامل الطبيعة التي يراها امامه و من ثم تركهم و ذهب للتجول بمفرده و كان يفكر كيف ستنتهي الحرب و على الرغم من انتهاءها إلا إنها ستأخذ الكثير معها و دمرت الكثير و سلبت أرواح لا تعد و لا تحصى و بعد مرور الوقت حل الصباح و قرر المجندين العودة إلى ساحة التدريب الخاصة بهم
و بعد الوصول إلى ساحة التدريب قام المجندين بالتدريب و ضغطوا على أنفسهم لأنه الحرب القادمة أكثر خطورة من الحرب التي مضت و بعد ما يقارب 5 شهور من التدريب المكثف تم اخبار علي و زملائه إنه يجب أن يذهبوا للحرب مرة أخرى و قد كانت وجهتهم الثانيه بعد 5 شهور من حربهم الأولى و هنا عم القلق و الخوف و سيطر على قلب المجنديين على الرغم من تدريباتهم المكثفة إلا أن خوفهم من المجهول كان مسيطر عليهم و لكن ذلك لم يكن مانع وواصلوا مسيرتهم حتى وصلوا إلى مكان المعركة و هنا بدأت الحرب و بدا القتال و بدأت الانفجارات و الأسهم ف التطاير بشكل مستمر دون توقف و في خضم الفوضى العارمة الا ان محمد كان على هزيمة الاعداء و فجأة سمع صوتا يعرفه انه زميله زايد الذي تم اطلاق النار عليه و صرخ مستنجدا بصديقه ركض محمد الى صديقه ليساعده على الرغم من قلقه حول ماذا قد يحصل الا انه لم يتردد ولو لثانيه و ذهب مسرعا و في هذه الاثناء تم اطلاق رصاصة و اتت في رجل محمد و على الرغم من الالم الذي سببته الطلقه الا ان محمد قال يجب ان اساعد زميلي لن يوقفني شي اليوم و بعزيمة و اصرار اكمل مشواره نحو زميله
مع مرور الوقت بدات المعركة في الهدوء الا ان الخسائر كانت فادحة و كان محمد يشعر بتعب و الم فضيع جدا الا انه اصر على الاستمرار و مواجهة العدو بكل قوة و صرامة و قال في نفسه” لا يمكنني ان اترك المعركة في نصف الطريق و اعود يجب ان اقاتل حتى النهاية”
و على الرغم من الالام المستمرة و الاوجاع الا ان روح المقاومة و العزيمة على ارجاع الوطن الى ما كان عليه سابقا و الاصرار و التمسك بالحياة قد كان له دورا كبيرا في تعزيز و تقوية الجنود و كانوا دائما ما يقاوموا الحرب و كلهم امل بان الغد القادم اجمل و افضل و على الرغم من قسوة الظروف يوما بعد يوم الا ان الامل لم يغادر قلوبهم يوما و دائما ما كانوا يرددون عبارة”ما دام الله معنا فنحن المنتصرون” و دائما ما كانت هذه العبارة تبث في قلبهم راحة و طمأنينة و على الرغم من ان الحرب كانت قاسية جدا معهم الا ان كانت روح المقاومة يوما عن يوم كانت في تزايد مستمر
و ايضا على الرغم من الفوضى و الدمار الحاصل الا انه بدات اصوات الامل تتعالى من بين الانقاض و كان الامل هو الدافع القوي الذي يجعلهم اقوياء و يعطيهم الدافع للاستمرار في الحياة و مواجهة هذه الالام المستمرة و الصعوبات و التحديات و كان الجنود دائما ما يسارعون في مساعدة الاشخاص الذين تاذوا و لا زالوا على قيد الحياة و كان التعاون فيما بينهم كبير جدا و كان املهم في الحياة ان تنتهي الحرب و ان يعم البلاد السلام و الامان و بعد مرور سنوات طويلة من الالم و المعاناة و التشتت بدات الحرب تدريجيا بالانهيار و ذلك قد بعث خوفا للناس الا انهم تمسكوا بامل ان الغد اجمل و افضل باذن الله و مع مرور الايام تلاشت الحرب و صمد الناس و بدا الناس في محاولة لاعادة بناء البلاد و توحدوا في يد واحدة و في تلك اللحظة ادركت البشرية بان للكافح ضد الشر يجب ان يكون لديك امل للاستمرار في الحياة و مواجهة الكثير من الصعوبات و العقبات.