الأدب والشعر

مزرعة الذل.. الفصل الرابع والعشرون 

سمير الشحيمى

سمير الشحيمى

*الإحسان هو أن تصون وجه السائل من ماء المذلة*

 

منزل محمود

حل الليل والكل في منازلهم ومحمود يشاهد التلفاز ورقيه في المطبخ تغسل أواني الطبخ وتنظف أرضية المطبخ ، محمود مندمج بمشاهدة التلفاز وفجأه تفتح النافذه المطله على جدار المنزل الخلفي ويدخل منها عمرو ويقف خلف والده محمود من دون أن يشعر ثم لمس كتفه فقال محمود من دون أن يلتفت محمود إليه : ها رقيه شو تبي؟

رقيه بالمطبخ : شو محمود ما قلت لك أن أنا أبي شي.

محمود يندهش من أن صوت رقيه بالمطبخ واليد التي لمست كتفه خلفه مباشرة فلتفت بسرعه فتفاجئ من رؤية عمرو بعقر الدار فنهض مسرعاً واحتضنه بقوه وشوق كبيرين فقال عمرو : شوي شوي علي يا أبويه اعظام جسمي.

محمود : ودي أضمك واخليك تخالط روحي يا الغالي.

عمرو : لكم وحشه وربي.

محمود : وأنت بعد يا بطل.

يترك محمود عمرو وهو ينظر إليه فرسترسل حديثه : طمني عليك كيف صرت؟

عمرو : أنا بخير شوفت عينك مثل الحصان.

محمود : والدتك بتفرح وايد من تشوفك.

عمرو : أنا بعد مشتاق لها بس خليها اللحين تخلص شغلها لا تربشها.

محمود يمسك يد عمرو : صدقك تعال أجلس خبرني شو سويت وكيف الأوضاع بالقريه وكيف يعاملونك؟

عمرو : كلهم بخير والأمور ماشيه حالها وسكان القريه ناس طيبين وخصوصاً اللي جالس معاهم الخاله مريم والعم فضل يعاملوني كأني ولدهم.

محمود : كيف جروح جسمك أن شاء الله طابت؟

عمرو : صحتي زينه وجسمي تعافى لا تحاتي أبويه طمنوني عليكم؟

محمود : نحن بخير وأمك مشتاقه لك وايد وناقص وجودك معانا بالبيت.

رقيه تخرج من المطبخ من دون أن تنتبه : شو فيك يا ريال تكلم نفسك ولا شو وضعك؟

فرأت عمرو وهو يجلس بجوار محمود وينظر لها وهو مبتسم ظلت متسمره مكانها وهيه غير مستوعبه الذي تراه فنهض عمرو من مكانه واقترب منها فدمعت عينيها ومدت يدها إلى وجه عمرو تتلمس خديه وأنفه وهيه تقول : عمرو هذا أنت ولا خيالك؟

عمرو يمسك يدها ويقبلها : هذا أنا بلحمي وشحمي.

فتحضنه رقيه بقوه وهيه تبكي من كثر الشوق إليه وهيه تقول : اشتقتلك واشتقت لريحتك ووجهك وصوتك لوجودك بالبيت.

عمرو : أنتي بعد يالغاليه اشتقتلك واشتقت لأبوي والبيت والكل اللي بالمزرعة.

رقيه : طمني عليك تعال أجلس خبرني عن أحوالك.

عمرو : أحوالي من شفتكم صارت أحسن.

وطال الحديث واجتمع شمل العائله.

 

القصر

الصباح الباكر السيد سفيان على مائدة الطعام يتناول وجبة الإفطار وتنزل السيدة روعه من غرفتها وتجلس على مائدة الطعام لتشارك سفيان وجبة الإفطار.

سفيان : شفتي مياسه إذا نايمه أو لا؟

روعه : حصلتها واعيه وقلت حقها تتجهز عشان تطلع ويانا.

سفيان : صح على فكرة يا وسن أنا والمدام والأميرة الصغيره بنكون خارج القصر راح ناخذ جولة على المزرعه طلعه عائليه فخبري ثنين من الخدم يكونوا جاهزين يروحون معانا عشان يطبخون لنا الأكل بالمكان اللي بنجلس فيه.

وسن : تحت أمرك سيد سفيان.

روعه : وأنتي بعد جهزي نفسك تروحي ويانا.

سفيان : لازم تاخذيها معاك؟

روعه : ما استغني عنها.

سفيان : خلاص جهزي نفسك.

روعه تنظر إلى وسن مبتسمه وترد عليها بإبتسامه.

تنزل مياسه مسرعه وقد ارتدت أجمل ملابسها واجتمعت مع عائلتها على مائدة الإفطار فقال سفيان : هالله هالله بلأميرة الجميلة صباحك فل وياسمين.

مياسه : عيونك الحلوة باباتي الحلو.

روعه : وأنا وين من هذا كله.

سفيان ومياسه : أنتي الخير كله.

الكل يضحك.

 

المزرعة

محمود يوقف عربته أمام البساتين ونزل منها والكل مجتمع.

محمود : يا جماعه اليوم السيد سفيان طالع جولة عائليه مع زوجته وبنته أخبركم بهالشي عشان تحسبون احسابكم.

جبر : هاي أول مره يسويها السيد سفيان بالعادة بروحه يطلع.

مرزوق : سبحان مغير الأحوال.

محمود : هذا اللي صار فالكل يكون بمكان شغله لين تنتهي جولتهم على خير.

عزيز : كيف يعني مانسير نتغدا فبيوتنا.

محمود : أعطوا خبر لأهاليكم أن يجهزون وجبات الغدا و أنا بجيبها لكم بمر على بيت كل واحد فيكم بيت بيت واجيب اكلكم ومن يعرف احتمال السيد سفيان يسوي وجبات للجميع احتمال.

عبدالله : الله المستعان.

محمود : كل واحد يروح شغله ربي يحفظكم جميعاً.

 

منزل محمود

رقيه بغرفة الجلوس معاها أماني جارتها.

أماني : سامحيني صارلي فترة ماجيت ازورك.

رقيه : لا عادي حبيبتي أعرف كل واحد ومشاغله بالحياة.

أماني : هيه والله مشاغل ماتخلص.

رقيه : شو أخبارها بنتك نورة ما شوفها وياك؟

أماني : بالبيت قلت حقها تجهز الغدا بدري لأن ماراح يرجعون العمال للبيت عشان يتغدون السيد سفيان طالع جولة مع أفراد عايلته في المزرعه.

رقيه : هذا اللي فالح فيه مالت عليه.

أماني : خليها على الله.

رقيه : والنعم بالله ، خلينا من سيرته وخبريني شو آخر أخبار الجارات.

وطال الحديث.

 

المزرعه

السيد سفيان بعربته الفخمه مع زوجته روعه وبنته مياسه في جوله على أنحاء المزرعه الخضراء قرت العين ونزلوا بأكثر من بستان ومن حضيرة والتقوا مع العمال والفلاحين وأكثر مكان اطالوا البقاء فيه بستان الورد والياسمين حيث عائلة وسن أمها واخوتها يعملون فيها وقضتا روعه ومياسه أجمل الأوقات وحان موعد الغداء وذبح أحد العمال خروف وطبخه الخدم وتناول سفيان وعائلته الغداء وتم توزيع الباقي على العمال والفلاحين والحراس واقترب موعد غروب الشمس وعاد الجميع إلى منازلهم والعائله إلى القصر.

 

القصر

الكل ذهب إلى النوم وبقي السيد سفيان صاحيا لم يأتيه نوم استيقظت روعه من نومها لم تجد سفيان على فراشه اللتفتت الجهه الأخرى فوجدته جالس على كرسيه الهزاز وهو ينظر من نافذة إلى الخارج.

روعه : سلامات حبيبي شوفيك مانايم؟

سفيان : ما أعرف ما جاني نوم.

روعه : في شي يعورك مريض؟

سفيان : لالا مافيني إلا العافيه بس النوم طاير من جفوني ماعرف شو الأسباب.

روعه : قوم تعال الفراش واقرء المعوذات وراح تنام.

سفيان وهو ينهض : أنتي نامي لا تحاتي بطلع برا أغير جو بشوف الحراس وبرجع أنام.

روعه : اجي معاك؟

سفيان : لا ماله داعي أنتي نامي.

روعه : لا تتأخر؟

سفيان : من عيوني.

خرج سفيان من الغرفة وخرج إلى خارج القصر جاسم مسؤول الحراس يقترب منه : سيد سفيان خير إن شاء الله في شي؟

سفيان : لا مافيني شي بس ماجاني نوم قلت اطلع شوي.

جاسم : تمام سيدي.

اتجه سفيان إلى الإسطبل وأخرج أحد الخيول وامتطاه فتوجه إليه جاسم : سيدي على وين؟

سفيان : جولة سريعه وراجع.

جاسم : بسير معاك سيد سفيان.

سفيان : لا ماله داعي خلو بالكم بالحراسه ماراح أتأخر.

انطلق سفيان على صهوة جواده إلى أنحاء المزرعه ويأخذ طريق بركة الماء الذي يمر بسكن العمال والفلاحين وفجأه رأى مالم يكن بالحسبان رجل ملثم يخرج من منزل محمود في جنح الظلام انطلق خلفه سفيان والرجل هرب مسرعاً بتجاه الحشائش والنباتات فأختفى فتوقف سيد سفيان عن مطاردته وهو يتسآل من هذا الرجل وعندما أراد المغادرة رأى شي يلمع واقع على الأرض فنزل من على صهوة جواده واللتقط الذي كان يلمع من الأرض فكانت قلادة نحاسيه بها حرفين ع و م استغرب من القلادة ثم رجعت ذاكرته إلى يوم اعتقال عمرو وتعذيبه كان يلبس نفس القلادة فقال سفيان : يا ربي هاي قلادة عمرو أتذكرها زين كانت برقبته بس شو جابها هنيه غير أن اللي كان يركض هارب وطالع من بيت محمود يكون هوه……. يصمت ويفكر بدهشه ثم قال : عمرو للحين حي.

 

يتبع……

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى