الأدب والشعر

من أكون أنا؟  

زينة سليم سالم البلوشي

زينة سليم سالم البلوشي

 تتراقص الأسئلة دون توقف في عقلي… ودائمًا ما أردّد: من أكون يا ترى؟ هل أنا تلك التي تعتني بأحبابها أم أنني تلك التي تسبب لهم الكثير من المعاناة والقلق؟… أحيانًا أرى نفسي في أعين الآخرين، وكلا منهما يعطيني انطباعًا عن نفسي حسب ما نظرته… منهم من يراني ملاكًا على هيئة بشر…. ومنهم من يراني شيطانًا على هيئة بشر… أحاول أن أدرس نفسي لأعرف من أكون حقًّا… فكل نظرة لها قصة مختلفة، وكل نظرة لها معنى آخر… حقيقة بتُّ لا أعرف نفسي ومن أكون…. دائمًا ما أشعر بمشاعر متناقضة بداخلي لا يمكن لسواي تخيّلها… أعيش في دوامة من المشاعر الممتزجة ما بين الحب والكراهية… الحزن والفرح… وبين الأمل واليأس….

 

أحيانًا أكون تلك الفتاة التي تضحي بنفسها من أجل الآخرين وتقدّم يد العون دون تفكير…. وأحيانًا أكون تلك الفتاة القاسية التي لا أحد يريدها وأكون كالسيف القاتل والسهم الذي يخترق القلب ويقتله…. أحاول أن أوازن هذا العالم المخيف الذي أعيشه بداخلي حتى أستطيع أن أعيش بسلام…

لكن هل يمكنني أن أجد السلام في عالم التناقض والدوامة الممتزجة والصراع الداخلي الذي أعيشه؟ هل حقًّا يمكن أن أكون فتاة بشخصيتين مختلفتين حقًّا وفي آن واحد؟ أحيانًا أشعر بأنني أعيش في عالم غريب ليس عالم الأرض، وأن حياتي عبارة عن مسرحية… حيث يُطلب مني أن أؤدي أدوارًا مختلفة في كل مشهد من المشاهد… ولكن دائمًا ما كنت أشعر بأن هناك نصًّا غير موجود، النص الذي يحدد من أكون أنا؟ ذلك النص الذي يخبر الجميع عني…. دائمًا ما أبحث عن إجابات حول حقيقتي وأبحث عن اللحظات التي توضح من أكون حقًّا… تلك اللحظات التي أكون صادقة فيها مع نفسي وذاتي… أريد أن أخرج من القوقعة التي تدور في داخلي والتي أعيشها والتي سببت لي الكثير من التعقيدات في حياتي… أريد أن أحتضن نفسي وأفكاري… وأحتضن كل جزء متعلق بي… أريد أن أعيش حياتي براحة واتزان… كيف يمكنني أن أكون طبيعية وأتقبل نفسي؟ وكيف لي أن أتجاوز ما يسبب لي القلق وأكون قادرة على تقبل مشاعري المتناقضة؟ كيف لي أن لا أرى هذه المشاعر حملًا ثقيلًا على كاهلي؟… حقيقة أريد أن أعرف من أكون أنا فعلًا؟ 

أريد أن أستمع إلى الصوت الذي بداخلي وأستمتع بكل لحظات حياتي مهما كانت وأتقبلها برحابة صدر وقلب واسع…. أريد أن أحتفل بذاتي … وأن أتقبل تجاربي سواء كانت تجارب تعقيدية أم تجارب ذات طابع جميل….

ربما يكون الحل بسيطا جدا وهو أن أكون كما أنا… لا أغير من نفسي لأجل أحد… ولا أتعامل مع أحد بطريقته أبدًا … وأن أكون لطيفة مع نفسي … وأتعلم كيف أسمح لنفسي بأن تتقبل كل المشاعر التي تعيشها دون أن ألجأ يومًا للوم نفسي…. أريد أن أكون صادقة في تعابيري… وصادقة مع نفسي وذاتي … أريد أن أتعلم كيف أعبر عن مشاعري بصدق دون خوف أو قلق… أريد أن أشارك الآخرين آرائي دون أن ينتابني شعور الخوف أو الرفض…

حقيقة أريد أن أعرف فعلًا من أكون أنا؟ أريد أن أكتشف نفسي… سأبحث عن نفسي دومًا … وسأتقبل ذاتي … وسأتعلم كيف أحب نفسي… وسأحاول جاهدة أن أدرس طبيعتي … وسأرسم صورة توضح من أكون أنا؟… صورة تعكس مشاعري وحياتي والأبعاد التي أعيشها ومن كل منظور… وسأرسم بدقة وبعمق كل المشاعر التي تتراقص بداخلي… وسأفصلها أدق تفصيل… فربما سأكتشف حينها من أكون أنا؟….. وفي نهاية المطاف أحب أن أخبر الجميع…

أنا إنسانة بكل ما تحمله معاني الإنسانية من معنى، وبكل ما تحتويه من جمال وتعقيد… وكلنا منا يريد أن يعرف من يكون … ولكن حتمًا يومًا ما سأعرف من أكون.

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى