زينة سليم سالم البلوشي
نعيش معا تحت سقف واحد تملأ الضحكات الأرجاء فأجلس بينهم أصغي إلى أحاديثهم إلى قهقهاتهم المتناغمة أرى في أعينهم بريق السعادة يشع بوضوح أبتسم أشاركهم الحديث لكن داخلي يهمس لي بشعور مختلف كأنني في عالم آخر بعيد كل البعد عن عالمهم
أشعر وكأنني لست جزءا منهم وكأن وجودي بينهم مجرد ظل عابر لا يلحظه أحد أتحدث إليهم لكن صدى كلماتي يتلاشى قبل أن يصل إليهم كأنني أخاطب الفراغ كأنني غائب حاضر قريب بعيد
مشاعر متضاربة تجتاحني لا أجد لها تفسيرا ولا أملك القدرة على البوح بها أجد نفسي غريبا بينهم كدخيل غير مرغوب به و انا معهم وكأنني جسد بلا روح يتحرك بينهم لكنه لا ينتمي لهم هذا الشعور يرهقني يقتلني بصمت يجعلني أتساءل: كيف يكون الإنسان غريبا وسط من يحب؟ هل هم الذين تغيروا أم أنني أنا من تغيرت؟ هل هي المسافات التي فرقتنا أم أن القلوب لم تعد تنبض كما كانت من قبل؟ أسئلة كثيرة تتردد في ذهني لكنني دائما ما أجد نفسي أتهرب من الإجابة عنها ربما لأنني أخشى مواجهة الحقيقة
أحن كثيرا إلى ذلك الشعور العميق بالانتماء إلى صدق المشاعر ودفء العلاقات إلى الكلمات التي تلامس القلب قبل الأذن وإلى من يشاركني الأفراح والأحزان دون تردد أحن إلى من يفهمني دون حاجة للكلام إلى يد تمتد بالعون قبل أن أطلبها إلى ذلك الأمان الذي تمنحه الروح حين تجد من يحتويها بلا شروط
كم هي قاسية فكرة أن تكون بين أحبابك لكن الغربة تعتريك وكأنك مجرد عابر في عالمهم شعور لا تصفه الكلمات لكنه يخترق القلب لمن عاشه والآن أدركت بيني وبين نفسي أن الغربة ليست أن تبتعد عن أحبابك بل أن تكون بينهم وكأنك غريب أن تكون المسافات بينكم قريبة حد التلامس لكنها في الحقيقة تمتد بلا نهاية وكأن البعد يسكن القلوب رغم قرب الأجساد
ليتني أستطيع البوح بكل ما يثقل قلبي علني أجد الراحة التي أفتقدها ليتهم يشعرون بما أخفيه داخلي ويدركون مرارة ما أمر به الآن كم هو مؤلم أن أعجز حتى عن مشاركتهم أبسط الأشياء أن أجد نفسي وحيدا بينهم رغم قربهم مني
لكنني سأكتفي بصمتي سأرسم ابتسامة هادئة تخفي خلفها كل ما لا يقال وسأظل أخفي مشاعري كما اعتدت ورغم ذلك هناك سؤال يتردد في أعماقي يلح علي دون إجابة: كيف يمكن أن يكونوا أقربائي وهم أكثر الناس بعدا عني؟ غريبة هي الحياة تجمعنا في المسافات لكنها تفرقنا في الشعور.
