Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.

طلاق في مهب الريح

 

 

أن الزواج سُنة من سنن الحياة، ومن سُنن الأنبياء والمرسلين، وفطرة فطر الله عز وجل الإنسان عليها، لأنهُ من أسمى العقود، وُسمي “الميثاق الغليظ” للدلالة على شأنهِ العظيم، ووضع الإسلام حقوق لضمان نجاحه بين الزوجين، واستمرارية الحياة بينهما.
ويعتبر الزواج أساس بناء المجتمع، وتكاثر النسل، فإن صلحت صلح المجتمع، وأن فُسدت فسد المجتمع ، وحُلم كل رجل وامرأة من أجل الاستقرار النفسي والعاطفي وشراكة حقيقة بين الزوجين لينعموا بحياة سعيدة.
فالحمد لله القائل عز وجل (وجعلنا بينكم مودة ورحمة) تلك هي القاعدة الكبرى التي تقوم عليها أساس بناء الحياة الزوجية، لتحقيق غاية مهمة إلا هي: “سُكنى الزوج لزوجته والزوجة إلى زوجها”
التي تكون بالاستقرار،والسكن،والمودة، والرحمة فيما بينهما.

فإذا فُقدت تلك الأشياء لا بد من معرفة سر فقدها ، وهذا ليس معناه أن لا تحدث مشاكل فيما بينهما، حتى لا يفقدوا تلك الركائز الأساسية ، فالبيوت لا تخلو من المشاكل والشقاق، ولكن إذا الزوجان تمسكا بتلك القاعدة الربانية فإنها تحد بإذن الله من التصدع الزوجي ومن تخطي العقبات لتصبح حياتهما مباركة، إما إذا عاندا كلا منهما الآخر فتؤدي إلى عواقب وخيمة، وتشتت كيان أسرة مما يؤدي إلى الطلاق الذي يعتبر من أبغض الحلال عند الله عز وجل.
أجدادنا والجيل الذي قبلنا كانت تسير حياتهم رغم الصعوبات والمنغصات ويصبر كلاً منهما، ويتمسكون بحبل الزوجية من أجل الأبناء، أو لإرضاء الوالدين، أو لظروف خارجة عن إرادتهم، وكان مفهوم الطلاق غير وارد إلا للضرورة، ويعتبر مخالف للعُرف والعادات والتقاليد.

لذا دور الآباء مهم جدًا في توجيه أبنائهم المقبلين على الزواج بتقديم النصح والإرشاد وأن الزواج مرحلة مهمة من أهم المراحل في حياة الإنسان سواءً ذكرًا أو أنثى، إذ يبدأ فيها حياة جديدة تختلف عما كان عليه عند والديه، وذلك بسبب خبرتهما في الحياة، ولا يقارنوا تجربتهم بتجربة أبنائهم، ونعلم أن عاطفة الأبوان نحو أولادهم عاطفة متوهجة، حيث يستاؤون ما يحزن فلذة أكبادهم، ويفرحون من سعادة أبنائهم، لكن لا بد من النصائح القيمة والوصايا النافعة التي هي ثمرة خبرتهم وخلاصة تجاربهم، لأن الزوجين سيواجهان في هذه المرحلة الجديدة من حياتهما بأمور ما كانا يتوقعانها، وهذه المرحلة إذا استمرت ستكون أطول من المرحلة التي قضاها كل منهما في بيت والديه.
فما بال بعض شباب اليوم أصبحت ظاهرة الطلاق بينهم منتشرة كانتشار النار في الهشيم لأتفه الأسباب، أليس هم من يطالبون بالرؤية الشرعية والمحادثات الشاعرية، وتبادل الهدايا وبعد دخول الحياة الزوجية يبدأ الشقاق حتى أصبح البعض يُطلق بعد عقد القران، أو بعد الزفاف، أو أثناء “شهر العسل”، وحتى لو بعد شهور أو أكثر، وسبب الطلاق غير مقنع جدًا.
فأين تلك الوعود وأين الهدايا والمحادثات وأين أحلام عش الزوجية التي تبخرت؟
لماذا العجلة وعدم التروي والتأني في اتخاذ هذا القرار، لأن “معظم النار من مستصغر الشرر”
وما هو مفهوم الحياة الزوجية لديهم هل هو السفر، والهدايا، والتسوق، والمطاعم، أو سيطرة كل منهما على الآخر، بل هي شراكة ومساندة كل منهما الآخر على أعباء الحياة لكي تسير سفينة الزواج بكل أريحية رغم هبوب بعض العواصف وتعكر صفوها، ولكن ليست هي الأساسيات بل هناك أمور أهم منها بكثير.
كان من المتوقع انخفاض نسبة الطلاق مع التطور التقني وظهور برامج التواصل الاجتماعي، والانفتاح حول العالم، وظهور برامج توعوية للشباب عن الزواج وأهدافه، لكن مع الأسف ارتفعت نسبة الطلاق بشكل واضح.
فما الخلل الذي أدى انتشار هذه الظاهرة وتفشيها في المجتمع! ما الذي جعل كفتي ميزان الزواج تتأرجح!
أن ظاهرة الطلاق منتشرة لأسباب كثيرة مثل تدخل الوالدين، أو الاقارب ،أو الأصدقاء، أو اختلاف الطباع، أو الغيرة الزائدة ، أو سوء الاختيار، أو المعاملة السيئة أو البخل المقيت، أو الوظيفة أو عدم تحمل المسؤولية ، أو الشك وغيرها من الأسباب ،لكن “الطلاق المبكر” الذي يتم مابين عشية وضحاها ما أسبابها؟! التي تسبب صدمة كبيرة لوالديهم، وأسرهم ، هنا نضع علامة استفهام لمعرفة ذلك، وهذا دور الآباء الذين يجب عليهم معرفة السبب؟، ومن المتسبب؟، وما الخلل الذي أدى وقوع الفجوة بين الزوجين؟! باحتواء المشكلة، وإيجاد الحل المناسب، والتقارب بينهما، ومساعدتهما على مواجهة الصعوبات والضغوطات والتحدِّيات الحياتيَّة بشكلٍ أفضل، ولا بد على كل منهما تجنب تفاقم الخلافات الزوجية، وأن يتحلى بالصبر، ومحاولة فهم وجهات نظر بعض، وتقبل كل منهما رأي الآخر ، والاعتراف بالخطاء، وتقديم التنازلات، لكسب قلب كل منهما الآخر ، وليس توجيه الاتهامات لبعض، وأن الخلل مقصور على الطرف الآخر، مع الأسف بعض الآباء يعلقون شماعة الخلافات على أحدهما بدون تروي وبحث وتقصي قبل أن يقدم أحد من أبنائهم للزواج مرة أخرى مما يسبب في طلاق ثان وثالث.
لأن الحياة الزوجية ليست لُعبة عند أول شرارة يتم الطلاق دون النظر إلى عواقب تلك الكلمة التي تؤدي لمشاكل نفسية وتشويه سمعة ونظرة المجتمع الذي لا يرحم وخصوصًا المرأة المطلقة حيث تحوم حولها التساؤلات، ونظرات الشك التي تؤثر على مستقبلها، وعلى حالتها النفسية والاجتماعية، ولم يفكروا بمشاعر الأبوين وما يعانيانه من تعب نفسي وصحي من أجل فلذة كبدهما مما تعرضت له من آثار الطلاق.
فلا بد أن يدرك الجميع بأن الطلاق من أخطر المشكلات الاجتماعية التي تهدد استقرار الأسرة والمجتمع وشرعه الدين الإسلامي لاستحالة استمرار الحياة الزوجية بين الزوجين وليس لكل من “هب ودب” يتزوج وقت ما يشاء ويطلق
وقت ما يشاء.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى