سنابل لم تجف…. الجزء الأول
سميره التميمي
الأرض كوكب دائري منبعج عند القطبين هذه المعلومة التي أعرفها عن الأرض، ثم أعرفها منذ صغري عن حياتي الخاصة، حياتي العائلية كوكب دائري منبعج عند قطبيها وقطبيها هم أسرة والدي والقطب الآخر أسرة والدتي، والأنبعاج هو ضد الأتساع الذي لم أعرفه إلا عند أمي، أما أسرة والداي فكان هناك ضيق في كافة الزوايا والتعاملات معنا بل وحتى في مشاعرهم الإنسانية تجاهنا، كنت أرى دموع أمي وهي على سجادتها، وعندما تصلي، حتى أنني عندما كنت صغيرا، قلت لها: ذات مرة لماذا تبكين عندما تصلين؟
لكن أمي لم تكن تجيب أبدا،
وعندما كبرت كنت أتفهم أن بكائها خشية لربها وخوفا منه!! وعندما كبرت أكثر عرفت أن أمي كانت لاتجد وقتا للبكاء إلا على سجادتها رحمة بنا ولنظن جميعا أن أمي تبكي لربها!!! نعم هي تبكي لربها وتشتكيه ولكن أكتشفت أن أمي كانت تبكي ظلما وقهرا من أبي!!
و اااااه ياأمي….. قلبك الذي أمتلأ رأفة ورحمة وحنانا بنا
كنت ولازلت قوية فريدة، تأبين أن يعترينا حزن أو هم عندما نراك تبكين، كنت تتظاهرين بالسعادة مع أبي، لنكون بخير تحت رعايتكما….
أيها القلب الذي لم يتدنس بكذب أو فتنه، كأنما وضوئها خمسا يمر على قلبها فيزيده طهرا ونقاءا وعذوبة…
وكل الناس مياه ياأمي إلا أنت يازمزم طهرني من كل خلق بذئ، وسما بي لأكون بين الناس نقيا مثلها….
أما أبي فكنت أراه شيئا عظيما، لم تهتز صورته أبدا في عيني وأنا طفل صغير.
أبي الذي كانت ملامحه العبوس هي الصورة الطبيعية له و التي ترسخت في ذاكرتي، وإما أبتسامته فكانت فقط لأختي سنابل التي كانت مقدسة عند أبي أكثر من أمي نفسها!
عندما كنت صغيرا كان أبي في أتساع تلك الكرة الأرضية وعندما كبرت قليلا صار أبي في إتجاه القطبين قليلا، وذلك لاني ذات مرة رأيت أمي تلاحقه لتنال منه كلمة شكر أو إبتسامة عابره ولكني تعجبت عندما أغلق أبي باب غرفته في وجهها، كان هناك شئ يمتلأ في عينيها أنا متأكد أني رأيته، وأن أناملها قد ارتفعت قليلا نحو وجهها قبل أن تديره علينا وهي مبتسمة، ركضت نحوها وارتميت بين أحضانها، سألتها لماذا فعل أبي ذلك؟
فقالت :كعادتها الرياح القوية تغلق الأبواب يابني!!
لم أكن افهم أمي حينها، ولكني عندما كبرت لم تتوقف الرياح ولم تتغير الأبواب ولكن إجابات أمي هي التي تغيرت!!
في المرحلة المتوسطة سألت أمي نفس السؤال الذي سألته قبل أربع سنوات وبعد أجابتها وعندما كبرت لم أعد اسألها لا لشيء سوى أني لا أريد تدنيس نقائها بكذبة من أجلي!!
لماذا يغلق أبي الباب بقوة قبل أن تدخلي غرفتك؟
فقالت : لأني أزعجته كثيرا وهو متعب وقد اتفقنا إذا كان متعب أن يغلق الباب بقوة حتى لا أزعجه!!!
لم تحتاج أمي إلا لتلك السجادة كل مساء تدفن بين طياتها دموعها وتروي جفاف حياتها بكل قطرات أحزانها!
للقصة بقية…..