اليوم العالمي يحتفل اليوم بأكبر أكذوبة بعنوان “عدالة حرية كرامة”

نحتفل اليوم في العاشر من شهر ديسمبر 2023 باليوم العالمي لحقوق الإنسان وسبب الإحتفال عالمياً بحقوق الإنسان، إصدار الجمعية العامة للأمم المتحدة للإعلان العالمي لحقوق الإنسان لما شهده العالم من جرائم مارست أثناء الحرب العالمية الثانية، لذلك كان القرار بعدم السماح بانتهاك آدمية البشر وحقوقهم فى العيش بكرامة وعدم تعرضهم للعنف والعدوان.

 

ومن أهداف اليوم العالمي لحقوق الإنسان، أيضا هو إحترام حقوق البشر والمساواة بينهم على المستوى العالمي في الحق في العيش بكرامة ، بصرف النظر عن الديانة أو اللون أو العرق.

 

واليوم جاء من جديد الإحتفال باليوم العالمي لحقوق الإنسان وهو يحمل لافتة الكرامة والحرية والعدالة للجميع.. لفت إنتباهي قوة وجمال الشعار وما هو تأثيره على الوجدان خاصتا في هذه الظروف الراهنة في المنطقة وبصوره خاصه حرب غزة، لنجد أنفسنا أمام مسرحيه كوميديه للأسف غير مضحكة.

 

كيف تأتي لنا الجرأة ونرفع مثل هذا الشعار وكل يوم يقتل مئات الأطفال والنساء من الفلسطينيين على يد المحتل الإسرائيلي المجرم؟

 

بأي وجه يستطيع أن يرفع المجتمع الغربي رأسه اليوم وينادي بتلك

الشعارات الكاذبة التي لا أراها تطبق ولايتها سوي علي المجتمع العربي الهزيل؟

 

ألم يستشعروا اليوم بفشلهم أمام العالم وفضح أكذوبة كيانهم أمام محو الحقوق الإنسانية للشعب الفلسطيني؟.. أعتقد أن من العار أن يقيموا إحتفالات وهم من قاموا بحرق خطاب الحقوق الأساسية واستبدالها بكلمات رنانة، وقعها يمتع السمع وفي حين تجاهلهم لاهمية الدعوة بالحقوق الفردية، بل الضغط لتكون من شروط الدعم الدولي، والواقع أن الحقوق الأساسية تمارس بشكل عنصري ونسبي، ونسيوا انَّ الإنسانية في الأساس هي توفير الحق المجاني للجميع في الحياة.

ما حدث ويحدث في غزة حتى الآن خير دليل على أن هذا الحق لم ننجح في جعله مضموناً لهذا الشعب المقهور.، لنكتشف اليوم أن الخطاب العالمي لحقوق الإنسان التي تطبقها المؤسسات الغربية على مستوى الممارسات الدولية يوجد به فجوة حقيقية بينه وبين واقع حقوق الإنسان العربي.

 

بعد حرب غزة انعدمت الثقة بهذه الشعارات ، ووضحت الحقيقة وضوح الشمس و شعرنا بخيبة الأمل، والخذلان عندما أدركنا أن هذه الشعارات خاصه فقط للأقوى على هذا الكوكب ومن يتمتع بهذه القوة هو المجتمع الغربي فقط لأنه الأقوى عسكرياً واقتصاديا بالرغم من حداثة تاريخه واختلاط عرقه.

 

للحظات أغمضت عيناي وشعرت أننا عودنا مئات السنين واصبحنا في العصر الجاهلي ، زمن العبيد والسادة في مشهد يملأه الظلم والقهر والطغيان ولكن المتغير في المشهد أن العرب أصبحوا هم من يجسدون دور العبيد.

 

لم يري التاريخ خزي وتناقض خطاب حقوق المرأة وحقوق الطفل كما هو حاصل الآن منذ سنوات علي الرغم ما تمنحه الدول الغربية من أهمية لمسألة حقوق الإنسان، والقيام بمجهودات عظيمة لا يمكن أن نتجاهلها، ولكن الموقف الدولي الأخير كشف حقيقة ضعف وهشاشة خطاب حقوق الإنسان العربية، وأنه خطاب مزيف يكيل بمكيالين ولكن الاختلاف هنا أن ميزانه بكفه واحدة مصنوعه خصيصاً بمقاييس الإنسان الغربي فقط.

 

ومن هنا اكتشف المجتمع العربي أنه بعيد جدآ عن هذه الشعارات ولا ينتمي إليها لأنها لم توضع لمجتمعه العربي والإسلامي ، كما أنها نسيت أن تدون ضمن موادها حق الإنسان العربي وحرمته من أبسط حقوقه في العيش بكرامة وحرية وعدالة.

 

لنجد أن هناك ارتباط بين حقوق الإنسان ومفهوم القوة العسكرية و الاقتصادية، ويكفي أن يكون هناك تمييز بين الشعوب حتى تسقط الأسطورة الخيالية التي تسمى بحقوق الإنسان، التي فقدت كل مبادئ العدالة الإنسانية وأن كل إنسان له حقوقه الواجب توافرها دون النظر إلى لونه أو عرقه أو ديانته.

 

وبعد المواقف الدولية اليوم في حرب غزة من المهم مواجهة الواقع وتجاوز الاعتقاد الخاطئ بأن حقوق الإنسان الأساسية لا تحتاج إلى نضالية واستبدال الحقوق الفردية بها، أنَّ اتجاهات النخب الحقوقية باتت تركز على الأقليات والحقوق الفردية، وليس من منطلق العدالة والمساواة لحقوق الإنسان، بل لمَن يستشعر أن المهمة تحققت.

 

اليوم نحتاج لمراجعة قاطعه و جادة لـ مبادئ ومواد خطاب حقوق الإنسان وننظر بعين الاعتبار إلي أن العلاقات الدولية ما زالت تربط بين الحق وقوة صاحب الحق ولم تتحقق فلسفة حقوق الإنسان التي قامت من أجل توفيرها لكل إنسان دون شرط ، بدون أن يكون الواقع المادي للشعوب هو محدد أساسي في نصيبه في التمتع بحقوق الإنسان.

 

لذلك فإنَّ الاحتفال باليوم العالمي لحقوق الإنسان اليوم لا بد أن يركز أولا أول الحقوق وابسطها ألا وهي.. الحق في الحياة

إضافةً إلى ما تعرفه الحقوق الأساسية من تعثرات في ظل الأزمات، وكيف أن حقوق الإنسان ليست محسومة وأنَّها مهدَّدة بفعل الأزمات والحروب.

 

ولكي يكون شعار الكرامة والحرية والعدالة للجميع علينا ألا نغمض أعيننا عن الشهداء الذين وصلوا إلى مستشفيات لغزة لـ 15.523 شهيدا بينهم 6 آلاف طفل و4.300 امرأة، وبلغ عدد الشهداء من الطواقم الطبية 280 من الأطباء والطواقم الطبية، ومن طواقم الدفاع المدني 26 شهيداً، ومن الصحفيين 77 صحفياً، فيما بلغ عدد المفقودين 7.500 مفقود إما تحت الأنقاض أو أن مصيرهم مازال مجهولاً، وبلغ عدد الإصابات 41.316 مصاباً، علي مستوي حرب غزة فقط، أما بالنسبة للمستوي العالمي نجد أن هناك، مجتمعات تعيش الفقر والجوع والأمية وعدم الاستقرار، ووجود، 670 مليون، شخص يعيش في فقر مدقع، وإنقاذ، 783 مليون، شخص الجوع، بجانب وجود، 773مليون، إنسان مازال يعاني من الأمية حول العالم، في عام 2023، كل هذا يُضعف نضالية تعميم حقوق الإنسان على الجميع ودون تمييز.

 

واليوم في 10 من شهر ديسمبر لعام 2023، يمر خطاب حقوق الإنسان بموقف حرج وهش فقد مصداقيته، ولكي يستعيد قوته وثقة يجب عليه أن يحقق كل هذه الأهداف وتحويلها إلى واقع ملموس لا شعار مكتوب، وإمكانية تلبية احتياجات عصرنا والنهوض بوعود الحرية والمساواة والعدالة للجميع، وتطبيق خطاب حقوق الإنسان ونأمل بالاعتراف به بشكل كامل ليعيش البشر جميعاً وهم يتمتعون بحقوق ثابتة متساوية وفي سلام آمن..

 

وفي الوقت الذي يتحقق فيه هذا ..ستكون هي لحظة إحياء خطاب حقوق الإنسان، وإعادته صق ملكيته الخاصة لكل إنسان دون استثناء أو تمييز.. في هذه اللحظة فقط نستطيع أن نحتفل ونرفع شعار العدالة والحرية والكرامة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى