حقيبة سفر قصة قصيرة
مكة المكرمة
على عجل تكومت تلك الاقمشة من الملابس في الحقيبة!
كنت فتاة تشعر بحب كل الأشياء في الحياة الحي منها والميت، الثابت والمتحرك!! ، كنت أدخل في أعماق نفسي فأفهم تلك الكهوف المظلمة التي تجعلني شيء خامد لا يتحرك أو بركان ثائر يفرغ كل مايؤذيه!! لكني الأن أشعر بشيء اذوقه ولا أستطيع أن اهضمه، أشعر بتفاصيل دقيقة لكني لا أعيش أي شيء منها، مؤلم ان تتحدث عن تلك الدائرة التي تجعلك كعقارب الساعة من حيث تبدأ تنتهي..؟؟ تسير في روتينها المعتاد، ولا تستطيع أن تحدث حراكاً مختلفاً… كأن تدور بالعكس مثلاً أو تقفز للأعلى!! لكنك ستشعر بجمود الكون من حولك إذا توقفت بطارية هذه الساعة لتتوقف بعدها تلك العقارب، وتبقى أسيراً لذلك الذي سيغير بطاريتك لتكمل روتينك الذي هو أراده!!
اليوم ألملم كل الأشياء خاصتي وأريد العودة بتلك الحقيبة التي جئت بها هنا لأول مرة أتذكر تلك اللحظات الدافئة الجميلة التي لامست يداي الباردتان كالصقيع!!
كنت أشعر أني أميرته المدلله وأني الرقم واحد في حياته
وإن الكون كله رهن إشارة من أناملي ليقدمها لي متى رفعتها إيذاناً بذلك!! لكني رأيت تلك الأساور التي جملني بها مثل قيود السجان الذي ترهقه حتى ينتهي!
بعد سبع من السنوات قضيتها بين جدران عشقه المريض
وخوفه القاتل… لا أعلم كيف تسربت تلك الأيام من عمري؟ وكم قتلت في داخلي من كائنات حية، وكم اطفأت من بريق يتلألأ بين عيناي!!
كنت أظن اني سأكون بخير معه وأني سأعيش حياة مختلفة،. لكني لم أجد نفسي عندما عرفته، إلى الآن أشعر بالضياع في متاهاته المزيفة بأمواله وعطاءاته أشعر بشيء جاثم على قلبي، برجل لم يدرك معنى المودة والرحمة، رجل يعتقلني بماله لأشبع عنده شهوة الفرج، وشهوة البطن، وشهوة الذات فقط!! هذه هي كل أهدافه ، لا يعترف بما أفعله ولا اصنعه من جمال في نفسي أو بيتي إلا إذا شبعت شهواته الثلاث ، لايمدح ولايثني، وأكثر ماأجده النقد الدائم إن أخللت او تمردت أو قصرت!! ويظل ينقص من شخصيتي ويحطمني فأهرب من نفسي
إلى نفسي، ومن يومي إلى أمسي
ومن رحابة قلبي لدهاليز روحي!!
ثم اختفي!!
أنظر إلى حياتي كأسوار المدن المحصنة المحاطة بها من كل اتجاه لامنفذ للعدو مهما استمات للدخول…في كل مرة يثور فيها ذلك البركان الخامد في داخلي، يحفزه عنفواني وجموحي فأصهل كخيل أصيل وأمتطي عزم الهروب من قيوده… أحاول فيها تسلق تلك الأسوار وعبور ذلك الباب الضخم في قصره… تتجمد قدماي عندما أصادفه ينظر إلى حقيبتي ثم يسألني إلى أين؟
فأقول : ملابس قديمة ساتصدق بها… لابأس لعل اليوم ليس هو الوقت المناسب مارأيك أن عيدها وأفعل ذلك في الشهر القادم!