البارون بخفقاتهم يأخذونها في نزهة


شريفة راشد القطيطية
كأي يوم لا دخل لنا فيه، ننتظر الأمل يعدو لينتشل الوضع قبل مجيء الشوق، يستنزف العالق مما تبقى من الذكريات، ويأخذ خمسًا وخمسين رجفة وضعت عليها يدي وأنقذت الخمسة المتبقية قبل أن تتعانق عقارب الساعة معلنة الاحتضان، وسأكون دائمًا مجنونتك التي ستشتاق إليها، التي علمتك كيف تكون مجنونًا وتطلق الرصاص على المفروض ويجب، وأتيت لك بالقبلات من كهف المرمر، وأخذتك من يديك إلى قلبي، عطشًا كنت وأرويتك من روحي، وأطلقت حمائم كانت تتغذى على همسي ويكون بيني وبين الليل شغف لا يفهمه إلا أنت.
وكأي انتظار يثقل كاهلي، ويسرع سير عمل مليون خفقة في داخلي، وتأخذ المتبقي من الوهم وتنثره في الهواء، التقاطي وجهك لا يعني أنني معجبة بقدميك، هو احتباس لحيائك الذي لم يعد موجودًا، ترهل بفعل فاعل وتعارك مع مستوى الأنفس المرائية، وتوخيت الحذر قدر المستطاع، لن تترك لي مساحة لأتنفسك تحت وطأة الحب ولن أختنق بك، ستأتي عشائر الطيب من زمن قاحل وستشملك، فقط كن لطيفًا مع الوقت ولا تنتظر مني أتقدم باعتذار، فالاتصال الروحي يثمر في الغلس ويتكاثر في البعد، وبصمة إبهامك على جبيني ما زالت توجد في عقلي برغم الذي قدمته لك فإنك لن تصمد كثيرًا في حوض أبجديتي ولن تكترث للعمق.
كل مساء أخلد إلى خيالك طالبة ذاك الأمان، وتأخذني الرؤى شيئًا فشيئًا إلى صدرك، هكذا يأتي الألم عندما تكون يدك هي الحبل الذي أختنق به، وخوافي أمرك تأتي ولأول مرة أعترف أنك لا تمثل حلمي، فأحلامي تريد فارسًا يأكل النار ويطفئها في قلبي، ويأخذ أوراقي البيضاء ويملؤها ياسمينًا وفرحًا، قويًا كأول النهار وهادئًا جدًا كآخر الليل، الذي أحتمي به من أوهامي، أتيت وملايين العوالق في ذهني، وفكرت أن أترك أمانك لمن هم أحق، ولكني لم أستطع أن أواصل هذا التحدي، لقد ملأت رئتي بك، ووجدت أنفاسك هي موطني، وجنسيتي هي أنت، التقطني حين تبعثرني السنين ولا تكن أسوأ منها، وألتقطك حين أبعثرك بين جداول صمتي وحناجر عصافيري، ولوحة في الحائط سأضعك عليها مجبرًا، لا تكن كحظي يملأ المكان عتمة ويصمت حين أحتاج إليه.
العودة من تصفحك مؤلمة والكيف معطل، وهناك في المزاج جرح أهمل وتضاعف ولم يعد ينتظر شيئًا، كل ما كنت أحتمي به ورقة وجريدة وبعض فتات خبز وكعك تبقى من العيد لم تأتِ لتأخذه إليك، لم أعد أريد إلا تصفحك لي وقراءتك الماتعة لكل السطور، البارون بخفقاتهم يأخذونها في نزهة، ويقرؤون السلام بكل لهفة؛ لتظل المشاعر راضية وعوالق القلب فرحة، يلبسون الليل أحلامهم، ويتركون المعارك، ويخلطون نكهات الحب لفطيرة الصباح مع فنجان قهوة سمراء وجريدة، قائم على إرثك ومتعنت كثيرًا وقاسية شمسك، تأتي من أحلام (سندريلا) وتخطف عربتي وتكرهني إن أبلغت عنك الحرس، ولا ترغب في مكري، ولا تصدق حقائقي، وتتوسل لصباحي أن يوقظني إذا أسرفت في النوم، كأنك أتيت من ألف معبد وطهرك يعم المكان وأنا أدنسك حين أقترب لأقبلك وأعد لك أحضاني، لتكن آخر عمر يمر على كوني، وأعد إلي عربتي، وخذ طهرك وارحل، كفاني استغفار من مكرك.