صلاح الأول وفساد الآخر

قدم ابن جامع السهمي مكة بمال كثير، ففرقه في ضعفاء أهلها؛ فقال سفيان بن عيينة : بلغني أن هذا السهمي قدم بمال كثير. ‍ قالوا: نعم،

قال: فعلام يعطى؟ قالوا: يغني الملوك فيعطونه.

قال: وبأي شيء يغنيهم؛ قالوا: بالشعر.

قال: فكيف يقول؟ فقال له فتى من تلاميذ: يقول:

أطوف بالبيت مع من يطوف

. وأرفع من مؤزري المسبل

قال: بارك الله عليه، ما أحسن ما قال، ثم ماذا؟ قال:

وأسجد بالليل حتى الصباح

. وأتلو من المحكم المنزل

قال: وأحسن أيضاً، أحسن الله إليه، ثم ماذا؟ قال:

عسى فارج الهم عن يوسف

. يسخر لي ربة المحمل

قال: أمسك أمسك،‍ أفسد آخراً ما أصلح أولاً. ‍

صدق الله وكذب الشاعر

وقف شقيق بن سليك على الحجاج فقال: ِأصلح الله الأمير أعرني سمعك، واغضض عني بصرك، واكف عني شرك، وإن سمعت خطأ أو زللا فدونك والعقوبة، قال: هات..،

قال: عصى عاص من عرض العشيرة فحلق على اسمي وهدم منزلي وحرمت من عطائي،

فقال الحجاج: أما سمعت قول الشاعر:

جانيك من يجني عليك وقد

. تعدي الصحاح مبارك الجرب

فلرب مأخوذ بذنب عشيرة

. ونجا المقارف صاحب الذنب

قال: أصلح الله الأمير سمعت الله عز وجل يقول غير ذلك،

قال: وما سمعته يقول ؟

قال: قال الله تعالى: {قالوا يا أيها العزيز إن له أباً شيخاً كبيراً فخذ أحدنا مكانه إنا نراك من المحسنين… قال معاذ الله أن نأخذ إلا من وجدنا متاعنا عنده إنا إذاً لظالمون}.

فقال الحجاج ليزيد بن مسلم: أمسك لهذا عن اسمه ورتب له عطاءه وابن له منزله، وأمر منادياً ينادي: صدق الله وكذب الشاعر.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى