شيخة الدريبي
في زمننا اصبحت فيه أعظم الأشياء رخيصة واصبحت المبادئ والمفاهيم تحمل معنى آخر فالكذب أصبح مجاملة والنفاق ولبس الأقنعة شطارة والتلون وتغيير المواقف والمبادئ والسكوت على الظلم مسالمة وحدها كلمة الحق ظلت عزيزة وغالية الثمن يخشى الكثيرون أن يدفعوا ثمنها ويستحون منها إن لمعت في تفكيرهم لأنها تعايرهم بجبنهم ونرى إن الأنسان في محيط عمله ظالما ومتعسفا بحق الآخرين والسكوت على الفساد خوفا على رزقه أو منصبه ..
ألا نذكر بعضنا أن الصمت عن كلمة لو قالها لردّ ظلما عن ضعيف أو حفظ حقا لصاحبه أو كف ألسن الآخرين عن تلويث سمعة غائب وذلك من أجل استرضاء الآخرين وخوفا من استفزاز الأصدقاء والمقربين وقد تدفع فعلا كلمة الحق بصاحبها الى زاوية صعبة ولكن عدم قولها يضعه في مواجهة مع نفسه ومع التزامه الأخلاقي واحترامه لذاته ودفعه إلى دائرة من السلبية جرّت إليها الكثيرين ففي الماضي كان الرجل يقول: (أقول كلمة الحق ولو على رقبتي ) فما الذي حدث اليوم هل تغيّر الإنسان أم تغير الزمان وفي أي الدروب تاهت كلمة الحق وهل مازالت تستحق ثمنها ..
قد تخسر بسبب قول الحق لكن كسبت شيئا واحدا ومهما وهو الصداقة لأشخاص يستحقون الصداقة فعلا لأن الذين يخشون على مصالحهم ويخافون من قول كلمة الحق بتجنبون ويبتعدون بل إن بعضهم أصبح لا يلقي السلام إذا مرّ بك وعندما تتحدث عن خطأ في العمل قد تدفع ثمن ذلك غاليا وتخسر مصالح يحصل عليها الآخرون بالتزيف وينتفعون من مكاسب كان يمكن أن نحصل عليها لو كنا مثلهم ولكن الرزق من رب العالمين وكلمة الحق على الرغم من أنها تحرمنا من أشياء كثيرة لكن نفس الوقت تشعرنا بطبيعتينا الفطرية وبأننا أقوى من هؤلاء المتزلفين وأغنى منهم فـنحن لا نخشى غير الله وهذا بحد ذاته مكسب كبير لنا ..
ونشعر ايضا بالسعادة عندما نرى أشخاصا لا يكنون الود لنا ولكنهم يقولون الحق في صالحنا وعندما تكون كلمة الحق واجبة لأن الحق أحق بأن يتبع بغض النظر عن أهوائنا الشخصية ومشاعرنا تجاه الآخرين وأعتقد أن الرجل إذا كان معتقلا فعيب عليه أن يرى الباطل ويسكت أو يرى الحق ولا ينصره فهذا كمال للعقل قبل ان يكون كمالا للرجولة فكلمة الحق تحتاج إلى قوة ومن يخف لن يقول كلمة الحق ومن لا يقولها لا يخاف الله..
لا نستطيع أن نقول إن قول كلمة الحق أمر سهل أو شائع فنجد أن قلة من الناس هم من يجرؤون على قولها ولا يخافون لومة لائم وآخرون يخافون إن قالوها أن يخسروا مصلحة شخصية أو رضى أشخاص يهمهم ان يكونوا على علاقة جيدة معهم للوصول الى هدف معين و نلاحظ من خلال تجاربنا أن المرؤوسين هم أكثر خوفا من قول كلمة الحق حتى لا يغضب رؤساؤهم في العمل إذا كان الموضوع يمسهم شخصيا أو ينقد موقفا لهم بينما نجد أن قول الحق يريحنا نفسيا على الرغم من أنه أثار استياء الكثيرين منا ..
عموما نحن اليوم نفتقد كلمة الحق بين الناس كما نفتقد الكثير من أخلاقنا وشيمنا العربية الاصيلة التي تعلي من شأن قيم وصفات كالشهامة والمروءة والشجاعة وقد تكون كلمة الحق مكلفة أحيانا إذا كانت تتعلق بموضوعات مهمةوحساسة كالأمور المالية أو الارتباطات الاجتماعية او العمليه أو سمعة الأشخاص وقد يجد صاحبها نفسه في موقف صعب من مواجهة الآخرين لذا يحاولون الحفاظ على وظائفهم واسترضاء رؤسائهم ..
