Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
الأدب والشعر

قسوة مشاعر

فداء حنا

فداء حنا

وقفت أمام  باب غرفة استقبال المرضى في موقع عملي في المستشفى فوجدت رجلاًبعمر الخمسين طويلاً ذو وجه صبوح ابيضاً محتاراً بعينيه وبيده ورقة لم أعرف مابها ويبدو عليه أنه قلق وينتابه الغضب وبدأ يبادرني ببعض الأسئلة المبهمة ماذا علي أن أفعل ماهذا الوضع الذي لا أفهمه ؟

وأنا واقفة بمكاني أستغربت كلماته وتصرفاته وبدا عليه أنه بصحة جيدة ،ومعه طفل يتراوح عمره عشرة أعوام وتبدو عليه علامات الصحة والإشراقة التي ترافق حيوية الأطفال .

مدّ الأب إلي يده وأعطاني الورقة وقال لي اقرأي لي النِسب هل هذه نسَب طبيعية ؟ ومن طبعي أساعد أي طالب للعون .

نظرتُ بتمعن بالورقة فكانت تحاليل لوظائف الكبد إحداها نسبتها ١٦ والأخرى ٤٠ من مائة إنها نِسب تقريبا طبيعية لكن الحدود الطبيعية المثالية من ٢٠ حتى ٤٥ بالمائة

قلت له طبيعي لا يوجد بها أي شي لكنه استنفر و زاد توتره وأعاد السؤال علي و قال لكنها ١٦ ليست طبيعية كانت بالسابق ٢٠

فأنا زاد حمقي وأثار تعصيبي فأجبته وماذا يعني في كل مرة التحليل يتغير قليلاً إنه الدم ونِسبته تختلف من يوم لآخر .

وعلا صوتي عليه وكأنني أعلمه أصول الكلام وقلت له ماذا ستفعل لا شي إنه طبيعي وماذا دهاك يا هذا كأن الموضوع خطير جداً

وإذابأحد الأشخاص من خلفي يعطيني بضعة من حبات الشوكولا الفضية الغلاف اللامعة تلفت الانتباه أمسكتهم جيدا دون علمي لماذا أعطاني هذه الكمية التي كانت أربع حبات شهية المظهر وكأنه تمهيد لأمر ما سيحدث لاحقاً

وعدت والتفتُّ إلى الأب وابنه بغضب وقلت له اعمل ماتريد هيا ارحل من هنا فأنا لا علاقة لي بالموضوع وإذ بسيدة جميلة الطلة بهية القوام محجبة اقتربت مني ودخلت إلى الغرفة وقالت رجاءً اهدأي ماذا سنفعل هذا أمر مهم بالنسبة لنا ولحياة ابننا وأنا مازلت أستغرب الكلمات والموقف لأنه لا داعي لهذه المبالغة بردة فعلهم على انخفاض بسيط بمعيار الوظيفة الكبدية .

وأطرقت السيدة بنظرها الأرض وكأنه قد كسر شيء ما بداخلها وأن أملا ما قد بدأ يتلاشى أمامها .

وتمتمت بهدوء وصوت يكاد لا يخرج من شفتيها .

إننا نعطيه جرعات الكيميائية بصمت دون علمه

وهنا دارت الدنيا بي وكأن أنفاسي خطفت ونظري تسمر واقفا مذهول بما سمعته أذني وفي الحال بشكل غير تلقائي انهمرت دموعي على خدي وبكيت بصمت بداخلي وكاد قلبي ينفطر لما سمعت وأنّبت ضميري بقسوة على ما بدر مني من ردت فعل قاسية لسؤالهم لي

ونزلت يداي التي كانت تحمل حبات الشوكولا إلى يدي الطفل وأعطيته حصة إبني منها وضممته بشدة وبالغت بذلك لعلي أكفّر عن إحساسي بالإساءة لأنني استهترت بمشاعر والديه القلقين على حياة ابنهم الطفل الجميل البريء الذي هاجمه المرض بقسوة و بعمر مبكرة

وقلت له أنت بطل ولست مريض وبإذن الله سوف تتعافى عن قريب

وغصت أنفاسي وتعثر البلع وتبعثرت كلماتي على شفاهي وفبدأت أحس بحالة اختناق فعليه من هذا المشهد

وبالحال فتحت عيني والعرق يتصبب من جبيني ونبضي متسارع

وإذ بجرس الهاتف يرن في الصباح الباكر واستيقظت على صوته وحمدت الله على أن ما مرّ بي هو حلم رغم أنه طبع بذاكرتي حرف بحرف وكلمه بكلمة حتى الأرقام هذه هي التي كانت بالحلم

مشهد حقيقي في عالم الأحلام لن أنساه أبدا وعسى الجميع بألف خير

فأملنا بالله كبير بشفاء المرضى وأنا تعملت درس من حلمي بأن أكون غير متسرعة بالحكم على أي موقف دون أن ألم بكل أطرافه هداني الله على ذلك لأنه طبعي بالفعل .

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى