رسالة معاناة من أهل صاحب الهمة


لمياء عبدالله النفيعي
أعتاد القُراء قراءة مواضيع جمة مما يطرحه الكُتاب تتعلق بمشاكل المجتمع سواء كانت ثقافية أو أجتماعية أو أقتصادية أو سياسية وغيرها تلامس قضاياهم ، ووضع الحلول والمقترحات المناسبة لها ، ولكن هناك شريحة صغيرة متواجدة في مجتمعنا، وهم أهالي ذوي الأحتياجات الخاصة! هل طُرحت مواضيع تحكي عن معاناتهم أو مناقشة مشاكلهم ، ووضع الحلول للتخفيف عن نفوس الأهالي ، والترويح عن همومهم وأحزانهم ، وتقديم يد المساعدة! وقد يكون البعض من الكُتاب كتبوا عنهم وتحدثوا عن حجم معاناتهم وظروفهم أو تناقشوا أوضاعهم من خلال الأعلام المرئي والصوتي.
منذ وقت طويل لم يكن هناك وعي كاف عن وضع الأهالي مع ذويهم من الأحتياجات الخاصة، وما زالت المعاناة مستمرة للكثير منهم بعدم وضعهم تحت المجهر ومعرفة الصعوبات التي تواجههم، وكلنا نعرف معظم الأسر لديها من ذوي الأحتياجات الخاصة فهل فتحنا الباب قليلاً لنرى ونسمع ما يدور داخل ذلك تلك المنازل! لنجد أن دورهم أكبر بكثير مما يتخيله أي شخص لأنهم الأبطال الحقيقيون الذين يقفون خلف الكواليس ، وبحاجة إلى رعاية واهتمام وتسليط الضوء عليهم ، لا سيما إذا كانت لديهم إعاقات يصعب التعامل معها مما يولد في نفوس الآباء والأمهات الحزن المكبوت، فهل لمحنا تلك الأم التي جفاها النوم وأنهكها سهاد الليل بالسهر لتوفير وسائل الراحة مع ذلك الطفل، أو الإبن، أو الكبير في السن ؟! وهل سمعنا نحيب الأخرى آناء الليل أو أطراف النهار! هل لامسنا معاناتها وهي في صراع مع فلذة كبدها؟ وهل لمحنا ذلك الأب الذي أعياه التعب من المجاهدة مع إبنه والمحاولة لتهدئة وإحساسه بالأمان، هل شاهدنا الصراع الذي يدور بين الأبناء الذين يرعون والديهم أو أحدهما، ورفض الإنصياع للأوامر؟!
كم منهم يقضي أوقاتًا صعبة بتخصيص وقت خاص رغم إنشغاله بأعباء العمل ومتطلبات الأسرة ، وقد يضطر البعض البقاء معهم والإنعزال عن المجتمع إلا لماماً، ويضطر أحد الوالدين أو كليهما لطلب أجازات للتفرغ والرعاية ، فلذا يعاني آباء أو أقارب ذوي الاحتياجات الخاصة بعدم التفرغ للإهتمام بأنفسهم وقضاء وقت ممتع مع الآخرين، فهل لمس أو شعر أحد منكم ذلك؟! وقد تجد بعض الأهالي يسعى جاهدا للتعلم والحصول على دورات تثقيفيه وكيفية التعامل مع ذوي الإحتياجات الخاصة ، وعدم التصادم معهم بأفضل الطرق ، وأن كان البعض منهم يملك الخبرة ومعلومات بتأهيل ومعرفة نفسية صاحب الهمة.
لا ننسى أن أهالي ذوي الاحتياجات الخاصة يكبتون مشاعرهم وإخفاء آلامهم عن الآخرين لأنه من الصعب وجود أناس يرغبون بسماع معاناتهم اليومية ، وأيضا عند الإجتماع مع الأقارب قد يتحول إلى عبء نفسي بعدم تقبل البعض الإبن المعاق أو إظهار مشاعر الشفقة نحوه، والمصيبة الأعظم التي تكبلهم نظرة المجتمع السلبية لذوي الأحتياجات الخاصة فذلك يجرح مشاعرهم ويقتل فرحتهم، لذا العديد من الأهالي يرهقهم التفكير في مستقبل ذويهم من أصحاب الهمم يصاحبهم الشعور بالقلق والخوف.
فأين المجتمع عنهم والألتفاتة نحوهم برأفة ،ومد أيديهم، والترويح عن همومهم وأحزانهم وتقديم العون لهم، ورفع معنوياتهم، وتقدير جهودهم وعدم النظر إلى ذويهم من الاحتياجات الخاصة بالشفقة وعدم المبالاة بل تقديم التحفيز والتشجيع ليشعروا بالأمان والراحة وإحساسهم بأنهم من هذا المجتمع ، رغم توفير الجهات المعنية كل الوسائل الممكنة لخدمة أصحاب الهمم وأهاليهم.
هذه رسالة من أهالي أصحاب الهمم الذين يعانون من ضغوطات وتعب للأعتناء بذويهم، وسماع صوتهم للرأي العام بأن كل أسرة لديها من ذوي الأحتياجات الخاصة بمختلف الأعمار فهي ليست تجربة معتادة وخبرة يمكن توارثها بحيث يمكنهم كيفية التعامل معهم بكل مرونة من دون عوائق أو صعوبات بل تحتاج لهمة وقوة تحمل وصبر، لذا لا بد من أن يتفهم الجميع معاناتهم وتقديم الدعم النفسي والتشجيع من قبل العائلة والأصدقاء، وجهة العمل التي لها أثر إيجابي في تخفيف الضغوط التي يمرون بها، ويجدون من يدعمهم ويساندهم ويتفهم ظروفهم ، فالتمسوا معاناتهم ولا تحملونهم فوق طاقتهم وكونوا سندًا لهم ولذويهم من الإحتياجات الخاصة .
ومضة مضيئة مقتبسة
هناك أناس يسبحون بإتجاه السفينة، وهناك أناس يضيعون وقتهم في إنتظارها، ذلك هو الفارق الذي يميز أصحاب الهمم عن غيرهم.