كتاكيت
محمد رياني
صمتتِ الديكةُ قبل الإشراقِ ولم توقظنا كعادتها، كنا متعبين بفعل الغبارِ الذي ضربَ مساحاتِنا بلا هوادة، مفاصلُ أرجلنا أصيبتْ بالوهنِ فلم نشعر بمجيء الصباح، هبطَ الدجاجُ بحثًا عن الطعامِ كعادته، الحبوبُ التي كنا نرميها كلَّ يومٍ لم تخرج من الأكياس، صاحَ أحدُ الديكة من الجوع ، دارَ ودارَ وعادَ يصيح، شعرنا بالشفقةِ نحوَه وهو الذي كان يوقظنا كلَّ يوم،
فتحْنا له أحدَ الأكياسِ فأقبلَ كلُّ الدجاجِ مبتهجًا، اتفقنا على علاجِ مفاصلنا بسلخِ واحدٍ من الديكةِ الصغارِ والاستشفاءِ بمرَقِه، قامت مطاردةٌ للإمساك بديكٍ سمينٍ صغير ، قفزَ فوقَ الأشواك ، تناثرَ ريشه، تمَّ القبضُ عليه، عادتِ الحياةُ إلى أرجلنا من جديدٍ بعد وجبةٍ شهيةٍ غنيةٍ بالتوابلِ والبهارات،
جاءَ الليلُ ونامَ كلُّ الدجاجِ قبلَ موعده، صمتٌ رهيبٌ في ليلٍ داج، انتصفَ الليلُ ونحن نسمعُ حركاتٍ غيرِ معتادة، استيقظَ الدجاجُ قبلَ موعده، صاحتِ الديكةُ مع الغلس، استيقظْنا بلا آلام في المفاصل، انتشرَ الدجاجُ على الأرضِ وقد نثرنا الحبوبَ الحمراء على الأرضِ كي تُرى بوضوح، أصدرتِ الديكةُ صياحَ الأبتهاج، تصالحتِ الديكةُ مع الدجاجاتِ الوديعة، كثرَ البيضُ وفقسَ معظمُه، حلَّ الظلامُ من جديدٍ ونحن نحصي البيض
في الصباحِ امتلأتِ الساحةُ بالباحثين عن الحبوب، وقفنا صفًّا ننثرُ على الأرضِ الحبوبَ الحمراء، منظرُ الكتاكيتِ الصغيرةِ كان في منتهى الروعة، الصغارُ الواقفون معنا استمتعوا بالحركاتِ البريئة، طلبوا منا بأن نتركَ الدجاجَ وشأنه، وضعنا السكاكينَ في مأمنٍ حتى لانفقد ديكًا جديدًا لأنه صاحَ متأخرًا ولم يوقظنا من سباتِنا.