الكاتبة : ندى فنري
ما الذي تراه عندما تتعمق في النظر إلى منظر طبيعي ،أو لوحة لفتت انتباهك ، أو مشهد عابر شد اهتمامك ،
يختلف عما يراه البعض
مثل صديق أو زميل أو حتى حبيب عما نراه نحن :
يقول الفيلسوف هنري ديفيدثورو :
ليس مهماً ما تنظر إليه
بل ما تراه …
الأبحاث الجديدة قد تجعلنا نتروى في تفسير تعاملاتنا مع الأخرين و تفسير تعابير الوجه التي نراها .
و قد نتواصل بشكل أفضل إذا ما أخذنا في الاعتبار أن ما نراه من تعابير الوجوه ليست بالضرورة انعكاسا للشعور به ..
ثمة نظرية بدأت تكتسب مزيدا من المناصرين تقول إن تعبيرات الوجه لا يمكن أن تعكس مشاعرنا…
فبدلا من كونها انعكاسا دقيقا لحالتنا الوجدانية فإنها تدلل على نوايانا إزاء تعاملاتنا مع الآخرين .
بعد النظر .هناك أشياء خلف المشهد ،أو أبعد من سطح الصورة ،لا بد أن نتأملها بحق ،و نراها بصدق ،و نتعمق في قراءتها
فما ننظر إليه يمثل
جزءاً يسيراً من الحقيقة
أما الأجزاء الباقية فمختفية .
و إذا أردنا معرفة الوجوه
يتعين علينا التأني في رؤيتها ، و التبحر في قراءتها ، لأن الأشياء ليست مبتورة أو مستقلة تمام الاستقلال ،و إنما هي في الغالب
سلسلة يكمل بعضها بعضا .
لذلك علينا التروي والتبصر
بالأشياء الشخصية الإنسانية التي من الصعب اكتشاف أغوارها من نظرة واحدة أو محادثة سريعة .
البشر ليسوا كتباً مفتوحة كما يقال ، لا بد أن تقرأ الكتاب كاملاً حتى تستطيع أن تفهم محتوياته و مضامينه كما يجب .
المشهد الخارجي للإنسان ،جزء معبر عن الشخصية ،لكنه يبق في النهاية ،جزأً يسيراً من حقيقته ،وهذا هو الجزء الذي سنراه ،عندما ننظر إليه .
وحتى تكتمل الصورة
ابحث عن الأجزاء المخفية من الصورة.
فالاعتقاد بأننا جبلنا على المشاعر، وأن وجوهنا مرآة لها، إنما هو اعتقاد راسخ في الثقافة الغربية أما نحن نستطيع التحكم في تعابير الوجه…
لذلك عندما نتأمل ماخلف الوجوه ،سنعرف حتماً أن الإبتسامات ،لا تعبر بالضرورة عن السعادة الحقيقية،و لا الدموع عن الحزن .
فكثيرا ما تظهر ملامح الابتسام أو العبوس على وجوهنا بشكل فطري في بعض الأوقات مثل تلك اللحظات الجميلة التي تحدث عندما نكون مع الأشخاص الذين يعنون لنا
و لكن ليس بالضرورة أننا سعداء كل الوقت .
و كذلك ليس بالضرورة أن يكون عدوك عابس في وجهك…فأكثر الأعداء ضررا هم من يبتسمون لك دوماً ..
