عَلمُنا هويتنا

كانت الرايات أو البيارق أو اللواءات ذات مسميات أُطلقت عليها في مراحل زمنية متعددة وكلها تشترك على مفهموم ألا هو العَلم الذي لها أهمية كبيرة منذ القدم، كان يستخدم في المعارك ، ورمز لشارات القيادة، وتحديد الحلفاء أو الأعداء، وتنظيم صفوف الجنود، والأحتفالات الدينية، وعلامات على السفن العابرة في البحار لتحديد هويتها، وأول من أخترع الأعلام في التاريخ هم الصينيون، واستخدمت في الهند وبورما وغيرها من دول شرق آسيا، لبعث الحماس في نفوس الناس وتقوية مشاعر الأنتماء، وفي أغلب الاحيان يكون العلم مستطيلاً ويكون مرفقًا بحافة واحدة إلى عصا أو حبل، فيما بعد أصبحت الأعلام إلى أداة لتحديد هوية كل دولة، والكثير من الرايات بمثابة إشارة على حدث هام في تاريخ الأمة، ومظهر من مظاهر سياداتها واستقلالها يتم رفعه عاليًا خفاقاً في المحافل الدولية وعند تحقيق الانجازات في جميع المجالات المختلفة.
تُعتبر الأعلام الوطنية ذات أهمية كبيرة لأنها رموز تعبيرية تحمل دلالات عميقة تعبر عن الوطنية والإنتماء والقيم والثقافة والتاريخ ورمز للسيادة الوطنية لكل دولة من دول العالم الذي تتوارثه الأجيال، وغرس قيمتها التعبيرية في نفوسهم، وترسيخها في الأذهان بأنها ليست مجرد قطعة قماش بل وطن بأكمله، يكمن في تلك الراية ويستظل بظلها اسم الوطن، بمجرد رؤيته يرفرف عاليًا ، يشعر المرء بالفخر والاعتزاز والانتماء لوطنه، وهي قيمة ثابتة لا تتغير ولا تتبدل مهما تعاقبت الأجيال على الوطن.
ويُعد العَلم الوطني مصدر إعتزاز لأبناءه وترتبط صورة ذهنية عن وطنهم وعن تاريخها والمراحل التي مرت بها في عقولهم، والتطلعات التي تنشدها والقيم الاجتماعية والسياسية والدينية والاقتصادية التي تأسست عليها وتتمسك بها في مسيرتها الوطنية، كما أنه يمثل أهمية كبيرة وقيمة معنوية كبيرة بالنسبة للمواطنين ويمثل آمالهم وتطلعاتهم، فكل دولة عَلم خاص بها مميز صُمم لتمثيل القيم والثقافة التي تدافع عنها الدولة، وتعبر عن الرفعة والعزة والحماس والفخر بعلمهم الوطني، فلذا تحتفل العديد من دول العالم بيوم العَلم حيث تخصص يومًا وطنيًا للإحتفال براية الوطن ورفعها عاليًا مع الأهازيج الوطنية، وتوثق العلاقة المعنوية بين المواطن والوطن.
لذا يمثل العَلم السعودي أهمية كبيرة لأبناء الوطن ويعد رمزًا وطنيًا لأنه يعكس المبادئ والقيم التي قامت عليها المملكة العربية السعودية، ويعتبر عَلمُنا السعودي من الأعلام المميزة برمزيته وتكوينه ودلالته بإلإضافة إلى لونه الخاص به، وقد تتشابه أعلام الدول في ألوانها ورمزيتها وتكوينها، إلا أن عَلم المملكة العربية السعودية امتاز بخماسية فريدة على مدار ثلاثة قرون، كُونه لا ينكس في المناسبات أو ينزل إلى نصف السارية في الحداد أو الكوارث وغيرها، لونه أخضر، إعلاء شعار التوحيد، إثبات رمز القوة، إبراز النخلة في الشعار.
فاليوم يوم العَلم يوم الفخر براية التوحيد ورمز للعدل والقوة والسيادة وشاهد على ملحمة توحيد البلاد على يد المؤسس المغفور له الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود، وجعلها راية خفاقة تحكي قصة جهاده الطويل لتوحيد البلاد، حيث نتذكر في هذا اليوم هذا الإرث التاريخي والفخر والانتماء لهذه الدولة العظيمة ولقيادتنا الرشيدة حفظها الله.
تحتفل اليوم المملكة العربية السعودية 11 مارس من كل عام بعد صدور الأمر الملكي الكريم بيوم العَلم، الذي يجسد مدى اهتمام وحرص حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان -حفظهما الله- بالأيام التاريخية المهمة في تاريخ الوطن، حيث يوافق اليوم الذي أقر فيه الملك عبدالعزيز-طيب الله ثراه- العَلم بدلالاته العظيمة التي تشير إلى العدل والتوحيد والقوة والنماء والرخاء بتاريخ 27 من ذي الحجة 1355هـ الموافق 11 مارس 1937م ، وذلك تجسيداً لأهمية العَلم الوطني وغرسها في أذهان الأبناء والمحافظة على قيمتها المعنوية وتميزها الفريد عن باقي أعلام الدول، من أجل هذا اليوم نحتفل ونفتخر برمزنا الوطني الذي يعبر عن كيان وطننا وقيمنا وثقافتنا وهويتنا ومعتقداتنا وديننا الإسلامي الحنيف، أنه يوم التفاني والمواطنة الحقيقة والتلاحم بين أبناءه والمقيمين وقيادتنا الرشيدة حفظها الله، ومعرفة قيمته والحفاظ عليه، ونشر الوعي بأهميته وحفظ مكانته، وعدم إساءة أستخدامه وأستشعار المسؤولية وأحترامه، وعدم إهانته حسًا ومعنى وتبجيل هذه الراية العظيمة، وفرصة لتحويل الشعور الوطني إلى سلوك في المناسبات الوطنية من خلال رفع العلم في كل مكان وكل مناسبة ويعيش المواطنين أجواء احتفالية لا مثيل لها.
وواجب علينا نحن التذكر دائما بأهمية هذا اليوم المميز لعَلمنا الوطني الذي يستحق منا كل الاحترام والتقدير فهو رمز العزة والكرامة والفخر، رفعته من رفعتنا، وكرامته من كرامتنا، وتعليم أبنائنا النشيد الوطني وتقدير وإحتراموأهمية العلم الوطني وتوعيتهم بتفاصيل ورموز ودلالات العَلم، وتاريخه الزمني والشخصيات القيادية التي قادت التحولات ووحدت البلاد وصنعت نهضة وحضارة يُشار إليها بالبنان ، ونزرع فيهم الحماس، وأن نغرس في قلوبهم حبّه، والانتماء له والدفاع عنه وإعلاء قيمته ، ومعرفة مكانته بين دول العالم والحفاظ عليه وعدم تدنيسه ليبقى علمًا مرفرفًا عالياً يشق عنان السماء، وتعرف الأجيال الجديدة بفاصل مهم في تاريخ أمتنا المجيدة، ويذكرهم بيوم توحدت فيه بلادنا تحت راية واحدة وقيادة واحدة.
ومضة مضيئة
عَلمُنا هويتنا، ورمز اعتزازنا، وفخرنا وكبريائنا، ووحدتنا وعزتنا، لنحافظ عليه.