يا دمع


د. محمد توفيق ابو علي
يا دمع قل كيف أستطعتَ سبيلا
وإلام تبقى في الجفون خليلا
تعبتْ محاجرُ خبّأت أحلامها
خافت عليها النّدب والتّعويلا
صرنا كخيل أُثخنت أظلافها
وبدا لها صوت الأنين صهيلا
أو مثل سيفٍ دميةٍ يلهو به
طفلٌ يرى ذاك الحفيف صليلا
أو مثل حرف مهمل في معجم
ورآه جمهور النّحاة دخيلا
فمتى الصّهيل يؤوب من ترحاله
ومتى خيولٌ تُستعاد خيولا؟
ومتى يعود إلى السّيوف صليلها
ويعود برّاقُ السّيوف صقيلا؟
ومتى يفكّ الحرفُ حُبْسَة نطقهِ
ويميط عن سرّ الكلام سدولا؟
نبكي فلسطين الجريح كأنّما
أمست ببال العالمين طلولا
وكأنّها نؤيٌ لسيل دموعنا
وعكاظُ شعرٍ في المواسم قيلا
دمهمْ يرتّل ما تيسّر من ضحًى
إصحاحَ نورٍ للنّهار دليلا
يصّاعدون إلى التّراب، كبِيعةٍ
تُعلي الأذان ببهوها تهليلا
تُعليه زيتونًا وتينَ قيامةٍ
جَرَسًا ينبّه في الفلاة نخيلا
ويقيم للجرح الشّريد مثابةً
لتكون ظلًّا في الهجير ظليلا
نضبت ينابيع الهوى، وتهجّدت
بدعائها وجْدَ القلوب هطولا
فمتى الهطول يزفّ غيث بشارةٍ
يهمي فيشفي للعطاش غليلا
يا دمعُ ما أحلاكَ زيتًا دافقًا
يروي لقنديل الرّجاء فتيلا
ويصوغ من ألق المواجع معجمًا
للنّور يُقرأ بُكْرةً وأصيلا