شخصية مميزة في سطور…عبد الله بن علي الخليلي

عبد الله بن علي الخليلي ،شاعر وأديب عماني، امتد عطاؤه أكثر من نصف قرن .يلقب بأمير البيان وشيخ شعراء عمان في النصف الثاني من القرن العشرين فقد كان شعره ينم عن تمكن في سبك الألفاظ و تصوير المعاني حتى أنه سمي بأمير البيان و ليس الشعر النتاج الأدبي الوحيد له فقد كتب مقامات و قصص .
هو معلم من معالم الثقافة العمانية حيث زود الموروث الشعري التقليدي والقصيدة الكلاسيكية بجملة من الدواوين الشعرية والمؤلفات .
ولد الشيخ عبد الله في حارة الحباس من ولاية سمائل بـالمنطقة الداخلية يوم 29 أغسطس من عام 1922م، وترعرع هناك في البيت المعروف ببيت السُبْحِيَّة، وقد بدأ تعليمه المبكر في سمائل حيث درس القرآن الكريم على يد الأستاذ زاهر بن مسعود الرحبي، وقد تنقل بين مسقط رأسه سمائل ومدينة نزوى العريقة لتلقي مــا يخص الدين الإسلامي واللغة العربية، حتى أنه أكمل حفظ القرآن الكريم، وبجانب أنه استقى العلم من عمه الإمام محمد بن عبد الله الخليلي، فقد جالس عددًا كبيرًا من جهابذة علماء عُمان ومنهم المشايخ خلفان بن جميل السيابي، وحميد بن عبيد السليمي، وحمدان بن يوسف اليوسفي، وقد جالس الشيخ سالم بن حمود السيابي وتتلمذ على يديه بطلب من والده الشيخ علي بن عبد الله عام 1931م، وقد شهد له فيما بعد فقال:
” إنه أخذ في مرافق شعره مأخذا لم يُسبق إليه، ونهج منهجًا لم يُتقدّم عليه ”
كان يحضر في سمائل جلسة يتداول فيها الجدل الأدبي، إضافة إلى المطارحات الشعرية التي كان يستهلها الشيخ علي بن منصور الشامسي بقصائد على اللحن السموئلي المُطرب، كما كان يحضرها أخوه الشيخ سعود بن علي في بعض الأحيان.
كانت الموهبة الشعرية قوية منذ بدايتها .
يقول :
” أول قصيدة نظمتها كنت في رحلة عند عمي الإمام الخليلي –- وقام الطلاب المتعلمين ليعدوا رحلة شعرية، وطلبوا مني المشاركة، فبدأت بمشاركة بأربعة أبيات، أحفظ منها بيت واحد وذلك في وصف الناقة، أقول فيها
تحركها بالأريحية همة فتعدوا بنا كالرائح المتحلب
لا أحفظ غيره، فأخذ مني القصيدة سعود بن حميد أبوالوليد –الذي كان قاضيًا على المضيبي- وأراها الإمام واستحسنوها،
ولكن هذه كانت شبه لطمة أثرت في قلبي حتى أني لم أقدر أن أقول الشعر لمدة ولفترة طويلة، ثم بدأت الشعر بقصيدة أخرى في المرحلة الثانية، قصيدة رائية أقول فيها :
فقمت ولي من نير العقل صالح وعدت وعيني ما تعاين قيصرا
أروم بنفسي همة لا يرومها عداي ولو كانوا على الموت أصبرا
نمى من بعد ذلك حب الخليلي للشعر وشغفه به، فلا يستغرب من يراه يقوم فجأة عن الطعام فلا شك أنه قام لكتابة أبيات خطرت لحظتها عليه .
كما أن الشعر قد يأتيه وهو نائم؛ فينهض من نومه ليبحث عن ورقة وقلم ليكتب ما تذكره، فكان يحرص قدر الإمكان على مصاحبة الورقة والقلم؛ فوحي الشعر قد يطرق بابه في أي لحظة، وقد طرق معظم أبواب الشعر القديمة منها والحديثة، وتجسدت نزعنه الكلاسيكية في دوواينه وحي العبقرية ذي 500 صفحة تقريبًا وديوان فارس الضاد والخيال الزاخر وغيرها من القصائد المتفرقة .
وقد كتب في – الوصف:
نخص هنا وصفه للأماكن التي زارها، فمن المعلوم أنه زار عددًا من الدول العربية منها مصر وتونس وسوريا وزار كذلك دولا أوروبية كفرنسا التي قال فيها في قصيدة إيقاعية:
إيه أرياف فرنسا ومياه الشاطئين بلغي عني سلامًا كل حلو المقلتين
جاذبيني يا فرنسا حركات القامتين وذريني من وعود بين نكباء وغين
– في الوطنيات:
لقد كتب الشاعر في وطنه الدقيق سمائل، وفي وطنه الصغير عمان كقصيدتي «عمان في أحسن سلوك» و«نداء الحياة»، وله ملحمة عمان في سجل الدهر التي شملت أهم أحداث التاريخ العماني في 300 بيت وقد قال فيها:
واستوى قابوس في الحكم على عدة والنصر للفتح المبينِ
ومضى يجمع ما شتته ذلك الحكم على مر السنينِ
فبناها دولة يافعة نفخ العصر بها روح الجلين
-في الغزل:
ومن قصائده فيه: قصيدة صوتية ألقاه بنفسه باللحن السمائلي وهي قافيّة قال في مطلعها:
قفيني على زهرة الزنبق وهزي كياني ولا تشفقي
وبوحي بحبك بين الورى ليدري السعيد به والشقي
وهيا بنا نقطع الروضتين إلى الشاطئين إلى الزورقِ
وطرقه لأغراض الشعر القديم لم يجعله متعصّبا ضد الشعر الحر فقد قال عنه:«إذا كان الشعر الحر متقيدًا بالقافية، ومتقيدًا بالتفعيلة.. فعندي لا بأس به»، وكان ديوانه المعروف بوحي العبقرية على هذا النوع من الشعر، ومن قصائده في الشعر الحر:
أضاعني هزلي فماذا أعملُ،
أضعت قومي وهم لي موئلُ،
وعشت في غيبوبة أعللُ،
أعلل النفس المنى… هيهات لا تعلُّلُ،
كما أن عبد الله الخليلي يعد رائد الشعر المسرحي في عمان فله مسرحية
«جذيمة والملك»، وكتب كذلك الشعر القصصي في ديوانه «بين الحقيقة والخيال»
وفي أحد قصائده يقول:
هو العلم أحْكم به واقفاً هو العلم اعْظم به مَقْدَمَا
يموت النبي ولا وارث ٌ سوى العلماء فما اكرما
وهذان البيتان يدلان على العلم واهميته وان من يرث الانبياء العلماء.
توفي في 30 يوليو 2000 عن عمر (77 سنة)