في ذكرى ميلاد أسمهان..ما هي نصيحة يوسف وهبي لها قبل وفاتها


ريهام طارق
تحل، اليوم، ذكرى ميلاد صاحبة الصوت الملائكي المطربة الراحلة أسمهان، والتى خطفت الأنظار بجمالها الراقي وصوتها العذب، وموهبتها النادره، وبالرغم من أن رحلتها كانت قصيرة فى الوسط الفنى، إلا أنها استطاعت أن تترك ذكرى محفورة داخل قلب تاريخ الفن العربي من الصعب نسيانها.
ولدت آمال فهد فرحان إسماعيل الأطرش الشهيرة فنيا باسمهان 25 نوفمبر عام 1912، و اسم أسمهان مأخوذ من الكلمة التركية من مقطعي “اسم” و”هان” المحرفة من كلمة خان وتعني الحاكم أو السلطان والجاه، في عرض البحر على واحدة من سفن الشحن اليونانيه سنة 1917, ووالدها كان واحد من زعماء جبل الدروز في سوريا، ووالدتها هي الأميرة و المطربه (علياء حسين المنذر).
بعد وفاة والدها سنة 1925 اضطرت اسمهان للسفر هي ووالدتها وشقيقها فؤاد و فريد الأطرش من سوريا للقاهرة للهرب من الفرنسيين الذين أرادوا اعتقالها هي و عائلتها لنضال والدها ضدهم.
وعاشت عائلتها في القاهرة في حي الفجالة وهي تعاني من البؤس والفقر، الأمر الذي دفع بالأم إلى العمل في الأديرة والغناء في حفلات الأفراح الخاصة لإعالة وتعليم أولادها الثلاثة.
لم تكن طفولة أسمهان تدل على أنها ستصبح مطربة، كانت تذهب إلى المدرسة لتتعلم، وكانت أسرتها تلاحظ أنها تميل إلى الجلوس بجوار “فونوغراف” تستمتع إلى قصائد أم كلثوم وأغانى غيرها من المطربات والمطربين، ولم يخطر بذهن أحد أن أسمهان لها صوت جميل، إلى أن حدث ذات يوم أن ذهبت أسرة أسمهان لزيارة معارف لهم وتناول الغداء، وبعد عودتهم للمنزل كانت المفاجأة بصوت أسمهان تغني أغنية بصوت رخيم أثار دهشة شقيقها فريد الأطرش وباقى أفراد أسرتها ونال إعجابهم وأيقنوا أنها تتمتع بصوت جميل، وأصبحت أسمهان مطربة رغماً عن تقاليد الأسرة.
الفنانة أسمهان كانت متعلقة بشقيقها الفنان الراحل فريد الأطرش بشكل كبير وكان الحب والتفاهم عنوان علاقتهما سوياً، وكان أول من دعمها فنيا، حتى أنها شاركته فى الغناء في صالة ماري منصور في شارع عماد الدين عام 1931، بعد تجربة الغناء مع والدتها علياء المنذر في حفلات الأفراح والإذاعة المحلية، وذاع صيتها في عالم الفن والغناء.
نافست أسمهان كبار نجوم زمن الفن الجميل مثل أم كلثوم، وفتحت لها أبواب الشهرة، و استطاعت بموهبتها أن تقنع كبار ملحني العصر بالتلحين لها، ومنهم : محمد القصبجى الذى لحن لها معظم أغانيها مثل “يا طيور، كلمة يا نور العين، فرق ما بينا الزمان، فرق ما بينا الزمان، كنت الاماني، امتي هتعرف قيمتي، انا اللي استاهل”.
وتعاونت أيضا مع الموسيقار رياض السنباطي في “يا لعينيك، أيها النائم، بنت النيل”، كما قدمت أشهر أغانيها من تلحين النجم الراحل محمد عبد الوهاب وهي “مجنون ليلى، محلاها عيشة الفلاح”.
عدد زيجات أسمهان:
الزوج الأول:
تزوجت أسمهان من الامير حسن الاطرش سنة 1933 وانتقلت معه إلي جبل الدروز فى سوريا و هناك رزقت ببنت وحيده هيا (كاميليا), لكن حياتها انتهت على خلاف مع زوجها, فرجعت من سوريا لمصر.
الزوج الثاني:
ومن بعده تزوجت من المخرج أحمد بدرخان, لكن زواجهما انهار بسرعة وانتهى بالطلاق دون أن تحصل علي الجنسيه المصريه التي فقدتها عندما تزوجت الأمير حسن الأطرش.
فى سنة 1944.
الزوج الثالث:
تزوجت أسمهان من”أحمد السالم” الذي عانت من مشاكل في زواجها معه، وعندما توفيت كانت على خلاف معه وحتى أن هناك الكثير من التخمينات بكونه هو المسؤول عن وفاتها.
حقائق عن أسمهان:
تعاملت أسمهان في فترة من الفترات عام 1941 مع الاستخبارات البريطانية، حيث أقنعت زعماء جبل العرب بعدم التعرض للجيوش البريطانية والفرنسية (الديغولية)، بهدف تحرير سوريا وفلسطين ولبنان من قوات فيشي الفرنسية (حينها كانت حكومة فرنسا مجرد دمية بيد النازيين الذين احتلوا فرنسا).
وفي عام 1933 انقطعت عن الفن لمدة ست سنوات بعدما اشترط زوجها (وابن عمها) ذلك حيث انتقلت إلى سوريا، لكنها عادت إلى مصر بعد خلافات مع زوجها عام 1939، لتعود إلى حياة الفن وتدخل عالم التمثيل السينمائي.
دخول أسمهان عالم السينما
فتحت الشهرة التي نالتها كمطربة جميلة الصوت والصورة أمامها باب الدخول إلى عالم السينما، فمثلت سنة 1941 في أول أفلامها “انتصار الشباب” إلى جانب شقيقها فريد الأطرش، وشاركته أغاني الفيلم، وفي سنة 1944 مثلت في فيلمها الثاني والأخير غرام وانتقام إلى جانب يوسف وهبي وأنور وجدي ومحمود المليجي وبشارة واكيم وسجلت فيه مجموعة من أحلى أغانيها، وشهدت نهاية هذا الفيلم نهاية حياتها، و شاركت بصوتها في فيلم يوم سعيد، إذ شاركت محمد عبد الوهاب الغناء في أوبريت “مجنون ليلى”، كما سجلت أغنية “محلاها عيشة الفلاح” في الفيلم نفسه، وهي من ألحان محمد عبد الوهاب الذي سجلها بصوته في ما بعد، كذلك سجلت أغنية “ليت للبراق عيناً “في فيلم ليلى بنت الصحراء.
من أبرز أغانيها:
“عاهدني يا قلبي، عذابي في هواك، هديتك قلبي، غير مجد في ملتي واعتقادي، نار فؤادي، محلاها عيشة الفلاح، مجنون ليلى، يا لعينيك، الدنيا، ياطيور، اسقنيها، يا ليت للبراق، كلمة يا نور العين، كنت الأماني، عليك صلاة الله وسلامو، كان لي أمل، إيدي في إيدك، الشمس غابت أنوارها، انتصار الشباب، ليالي البشر، أنا أهوى، يا ديرتي، أيها النائم، نشيد الأسرة العلوية، أنا اللي أستاهل، رجعت لك يا حبيب، الشروق والغروب، الليل، الدنيا في أيدي، أعمل إيه عشان انساك، انا بنت الليل، حديث عينين، في يوم ما أشوفك، يا حبيبي الله، الورد.
ومن أشهر أغاني أسمهان:
“دخلت مرة الجنينة، ليالي الأنس في فيينا، إمتى حتعرف، أسقنيها، أسمع البلبل يغني، أنا أهوى، في يوم ماشوفك، نويت أداري أيامي، يا بدع الورد، يا حبيبي تعالى الحقني، يا طيور”.
وفاة أسمهان:
في الوقت الذي كانت تعمل فيه بفيلم “غرام وانتقام” في مصر لم تكن سعيدة بزواجها مع أحمد السالم الذي حاول قتلها في بداية عام 1944 بإطلاق الرصاص عليها، سافرت إلى رأس البر لتمضية فترة من الراحة هناك يوم 14 يوليو 1944 ترافقها صديقتها ومديرة أعمالها “ماري قلادة”، وفي الطريق فقد السائق السيطرة على السيارة فانحرفت وسقطت في الترعة (ترعة الساحل الموجودة حاليا في مدينة طلخا)، حيث لقت مع صديقتها حتفهما عن عمر ناهز 32 سنة.
أما السائق فلم يصب بأذى واختفى بعد الحادثة، وبعد اختفائه ظل السؤال عمن يقف وراء موتها دون جواب، لكن ظلت أصابع الاتهام موجهة نحو العديد من الجهات مثل المخابرات البريطانية وزوجها الأول حسن الأطرش وزوجها الثالث أحمد سالم كما وجه الاتهام أيضا إلي كوكب الشرق أم كلثوم وشقيقها فؤاد الأطرش.
نصيحة يوسف وهبي لاسمهان قبل وفاتها:
وعن وفاتها قال عميد المسرح العربي الفنان يوسف وهبي أن أسمهان قبل وفاتها كانت تعمل في فيلم من إنتاجه، وهو فيلم “غرام وانتقام”، وقبل رحيلها أخبرته أنها ستسافر لقضاء العطلة الأسبوعية في مدينة رأس البر بمصر، وطلب منها عدم السفر، وحاول إقناع أسمهان بالسفر إلى الإسكندرية بدلا من رأس البر، لكنها تمسكت برأيها، وجاءت صديقاتها لاصطحابها، والغريب أنها لم تركب معها، واستقلت سيارة استوديو مصر، وماتت غرقا بعدما انحرفت السيارة وسقطت في الترعة “ترعة الساحل الموجودة حاليا في مدينة طلخا” وماتت المطربة صاحبة الصوت الملائكي عن عمر ناهز 32 عاما.
ومن الغريب أنها قبل أربع سنوات من وفاتها، أي في أوائل 1940 كانت تمر في المكان عينه فشعرت بالرعب لدى سماعها صوت آلة الضخ البخارية العاملة في الترعة، ورمت قصيدة أبي العلاء المعري “غير مجدٍ” التي لحنها لها الشيخ زكريا أحمد، وكانت تتمرن على أدائها حينذاك استعدادًا لتسجيلها في اليوم التالي للإذاعة، وقالت الصحفي محمد التابعي رئيس تحرير مجلة آخر ساعة والذي كان يرافقها “كلما سمعت مثل هذه الدقات تخيلت أنها دفوف جنازة”، وكأنها كانت تشعر أن نهايتها ستكون في هذا المكان.
وعلى الرغم من أن حياتها انتهت مبكراً وكانت مسيرتها الفنية قصيرة نسبياً، فهي لا تزال تعرف كواحدة من الوجوه الكلاسيكية للفن العربي مطلع القرن العشرين.