الأدب والشعر

خاطرة الخريف سيٌد الفصول

صدّيقة التّستوري/ تونس   

صدّيقة التّستوري/ تونس  

الخريفُ على الأغصانِ نثر أوراقهُ إلاٌ ما بقي منها كانت عالقة على الحقبِ خضراء وقد صُبغت أطرافها بصُفرةٍ مثل الذهب.

استطرد القيظ إذ ولّت عساكره وبرُدَ الظلّ ، إذ بجمرة العنب تشتعل ويغنم بها العيش أواخر سبتمبر، منتهزا رحلة المدٌ والجزر.

مازال للخريف سحر لا يدركه إلا من تساقطت ذكرياته وجمٌعها كومةً كومة إما أن يعيد اليها النبض وإما ان يدفنها في مصبّ النسيان.

لا خرير الماء الصافي ولا زرقة السماء ولا نسيم الريح يطيبُ بهم الهوى ، فعِطر التراب يفوح للزيتون والرماّن والسفرجل وترى العاشق

مُدمنا سُهدا إذا ما رجا طيبَ وصلٍ هُجر، وتفاحهُ فوق أغصان خدودِه خجولةَ من لوحه النظر وما كنتُ أحسب أن الخدود تكون ثمارا لذلك الشجر.

هو الخريفُ يكشف حقيقة البعض كما الاوراق تساقط الواحدة تلو الأخرى ليبقى مشدودا لأصله مهما كان الخريف مكابرا .

من يفهم انّ فتنة الربيع إنّما هي وليدة حزن نائم مثل الخريف الذي يُسقط اوراق عمرنا بعد أن كنا أشجارا نضرة، زمن الخصب إلا أن ماءه ملح أجاج.

توقن الحياة حلول خريف العمر بعد فوات الأوان ولو اننا نصدق القول مكرهين : “لولا الخريف لما حلّ الشتاء.”!

يجوز القول أنٌ الورقة الصامدة هي خائنة في عيون باقي الأوراق ، وفيّة في عين الشجرة، ومتمردة في عيون الفصول…

الإنسان وحده شجرة مثمرة وإن تساقطت منه الكثير على التراب ، لم يكن الربيع الأقرب لي، فالخريفُ وحده هو الذي يُشبهني .

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى