Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.

حكايات سودانية.. ركام الحرب

متي تنتهي هذه الحرب اللعينة سؤال دفعت به تلك الطبيبة التي أنهكها العمل وسط الجرحي من المدنيين والعسكريين الذين ضج بهم المكان.. دون أن تتوفر أبسط مقومات العلاج.. هكذا أصبح الحال في ذاك المشفي الذي كان ملء السمع والبصر في تقديم أفضل الخدمات العلاجية قبل الحرب..
كان رد زميلها الطبيب الذي كان يقوص بين المرضي بحذر شديد حيث أن الكثيرين يفترشون الأرض بدل عن الأسرة التي ضاقت عن اتساع.. للزيادة المتوالية المرضي والجرحي الذين يتوافدون علي مدار الساعة.. حيث أستباحت تلك القوات المتمردة كل شي داخل المستشفي وخارجها للأختباء من غارات الطيران المفاجأة.. هكذا أزدادت معاناة المرضي جميعا بلا أستثناء.. حيث كان رده أن هذه الحرب الشيطانية.. ستنتهي فجأة كما بدأت فجأة. سيصحوا الناس يوم وهم متوجسون يكتشفون أن هنالك شيء مفقود. عند الإفطار سيلاحظ الناس أن الشيء المفقود هو صوت البنادق والطائرات. سيكتشف الناس أنهم يمكن أن يذهبوا بعيدا من بيوتهم حتى الميدان القريب. عندها سيجدون أن بعض الجيران البعيدين الذين كانوا يقابلونهم في صلاة الجمعة ما زالوا موجودين. لم يغادروا رغم الحرب اللعينة. يكتشفون أنه يمكنهم الذهاب حتى السوق القريبة. سيندهشون عند رؤية الكثير من الجثث وقد بدأت تختفي وتتحلل. ستكون الرائحة كريهة. لكن هنالك مسارات للهواء الطلق. سيكتشف الناس أنهم رغم أنهم أبتعدوا كثيرا عن بيوتهم فإنهم لم يشاهدوا جنديا واحدا. ويكتشف البعض أنه بإمكانهم الذهاب حتى متاجرهم لتفقدها. سيجدون أن بعضها أحترق وتم نهبه.. وأخر تم إغتصاب حرائره.. لكنهم أيضا سيكتشفون أنهم في الأصل كانوا غير راضين عن أندلاع الحرب التي ساهمت قوي الشر في أشعالها لكي تشعل البلاد. . وأن هذه فرصة للرضا بالقضاء وفرصة لمحاولة لملمة كل شيء والبداية من جديد. لقد شاهدوا خلال شهرين الكثير من الناس يموتون ولكنهم أيضا شاهدوا أطفالا يولدون تحت القصف. لقد شاهدوا مشيئة الله وتصرفاته في الأقدار. ولقد آمنوا بكل ذلك. عندها ينطلق الشباب نحو الأماكن التي كانوا يرتادونها ليجدوا أن الأمل بدأ بالبزوغ من خلف جدار مكسور أو بناية محروقة أو بقايا جثة لامرأة كانت تبيع الشاي عندما داهمتها الحرب. سيكتشف الجميع أنهم ظلوا طوال ذلك اليوم في أمان من قعقعة السلاح وأزيز الطائرات. عندها يتنادى الناس لبداية الحياة عند الصباح القادم. سيعودون لبيوتهم سيرا على الأقدام ليخبروا عائلاتهم بما شاهدوا. لن يحس الأطفال ذلك اليوم بالجوع من الفرح. ستسمع صوت الضحكات تتعالى وستشتم رائحة الأمل. سيصحوا الناس الصباح التالي ليكتشفوا أن ما جرى بالأمس لم يكن حلما. سينطلق الجميع إلى أعمالهم وسط ركام الدبابات وناقلات الجنود والدانات التي لم تنفجر والدخان الذي أحال كل شيء إلى السواد. سيكتشف الناس أن إرادة الله فوق الجميع.. وأن يأسهم كان ضعفا في الإيمان.. سيعلم الجميع حينها ان المعادلة تغيرت وان السودان يستشرف واقعا جديد.. ارجوا ان يكون أكثر وعيا وأكثر نضجا بعد كل هذه الأحداث التي صنعها شيطان المصالح والاطماع في ثروات البلاد.
دمتم بخير
Shglawi55@gmail.com

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى