التضحية…لها أثار بناءة


شيخة الدريبي
التضحية لها آثار بناءة على الفرد والمجتمع وليست بالأمر الهين السهل فليس جميع الناس يستطيعون بذل أغلى ما يملكون في سبيل الآخرين، وغير قادر على التضحية، فهي بذلك صفة تسمو وترتفع ولا يصل إليها إلا من طلبها بصدق فالقليل من الناس من يتخلق بهذا الخلق، وتجدهم أصدق الناس، وأطيبهم، وأحبهم وأنفعهم للناس، ولا شك أن صعوبة التخلق بهذا الخلق يجعل منه عملة نادرة كذلك التضحية لهاآثار بناءة على الفرد والمجتمع وسلوك أخلاقي وديني وكلمةٌ التضحية قليلةالحروف، كثيرة المعاني يصعب علينا حصرها في أسطرٍ قليلة، فالتضحية سبيل المخلصين، ومسلك الطيبين فيبذلون أغلى ما يملكون من أجل هدف يرجونه، وغاية يتمنونها فإن هم وصلوا إلى ما يرجونه، هان عليهم ما ضحوا به وإن كان عظيمًا، وهذا خلق لا يتحلّى به إلا عظيم الشأن، رفيع المنزلة، طيب القلب، يترفع بنفسه عن كلّ حقير، وضيع المنزلة، قاسي القلب…
والتضحية على صعيد الأفراد والمجتمع، له تأثير قد يكون إيجابيًا وقد يكون سلبيًّا، ويختلف الناس في تضحياتهم، على اختلاف ما يضحون لأجله فمنهم المجاهد الذي يحرس وطنه ويضحي بنفسه لأجل أن يظل وطنه حرًا شريفًا، كذلك الأم التي تضحي براحتها لخدمة زوجها، وتربية أبنائها، وآخر يصل الليل بالنهارمضحيا براحته لأجل أن يصل إلى هدفه، وتنعكس آثار التضحية على الأفراد والمجتمع على حدٍ سواء، فإن تربى الفرد عليها وترعرع في أكنافها فهو بذلك يبني بيده بيتا من الإيثار،ولا يبالي بما يبذله من الوقت أو المال في سبيل ذلك، وتسمو نفسه عاليًا متنزهًا بها عن هواها ونوازع الشر التي بداخلها كالطمع والجشع والجبن وهو بذلك يساهم في بناء مجتمعه وتنقيته من الأنانية وحب الذات والكراهية.ولا شك أن المجتمع الذي ينشأ على التضحية هو مجتمعٌ متينٌ قوي بأفراده، يناطح الأمم، ويسعى نحو القمم، ويصعب على أعدائه أن يلقى ثغرة تطيح به ..
فالتضحية من أهم العناصر البناءة في تقدم المجتمعات والأفراد، هنيئًا لمن ضحى بدنياه في سبيل آخرته وسعى لها سعياً، وهنيئًا لمن ضحى براحته ليحصل أعلى الدرجات، وأنعم بمن ضحى بسعادته لأجل إسعاد غيره، و من أجل أبنائه، ومَن ضحّى بدمه فداء لوطنه، ومن ضحتْ براحتها لراحة أبنائها، (نعم الخلق خلق التضحية) وتعسًا لمن ضحى بأوقاته من أجل أهوائه ونزواته، ومَن ضحى بنفسه إرضاءً لأعدائه، ومن ضحّى بماله لقاء نصرة باطل أو ظالم،فهناك من يبني مجتمعًا راقيًا وهناك من يبني مجتمعًا فاسدًا. وفي واقعنا هذا فالناس في بذلهم التضحيات مختلفين فمنهم من يحث على هذا الخلق، ومنهم من لا يهتم والفرق بين هذا وذاك هو الوازع الذي بداخله الذي يدفعه يحثه على التخلّق بخلق التضحية لنفسه ودينه ووطنه ..