((كيف تتعامل مع شخص ناكر المعروف ))

 

هل تسمح لنفسك بالتوقف قليلاً والتفكير في مشاعرك ورغباتك، وبما تريده وما ترفضه وما لم تحسم أمرك بشأنه، قبل أن تتفاعل مع الآخرين؟ هل تلاحظ أنك تشعر بالاستياء لأنك تتجاوب غالباً مع ما يريده الآخرون منك من دون أن تأخذ حاجاتك في الحسبان؟
إذا كانت أجابتك بنعم انت على الأرجح تقدم الآخرين على نفسك، دون تقدير لذاتك ولكن لا تصنف نفسك كشخص اعتمادي، فالحياة معقدة ولا تعود عليك بأية فائدة. فهناك خيط رفيع بين التعبير عن المحبة وبين معاناة الاعتمادية…

فاميولنا البشرية دائما تتجه إلى خدمة الآخرين (مكان إنساني وروحاني داخلنا) ولكي ننجح في الفصل بين الاعتمادية وبين ميل الإنسان الطبيعي إلى الاهتمام بالآخرين والتعاطف معهم. فلا يحتاج البشر إلى مَن يحبهم فحسب، بل أيضاً إلى التعبيرعن حبهم. لذلك نشعر بالرضا والاكتفاء عندما نعتني بالمحيطين بنا.فالعالم يحتاج إلى المزيد من التعاطف والتفهم،واللطف…

كما ان مَن يعانون ميولاً نرجسية يشعرون ببعض الرضا الذاتي لأنهم يعتبرون سلوكهم المتمحور حول ذاتهم بعيداً كل البعد عن هذه المشكلة. ويظن هؤلاء أن من المخجل أن يكون الإنسان ضعيفاً، ورقيقاً، ولطيفاً. لذلك يسارعون إلى نعت الآخرين بالاعتمادية، بينما يرون في أنفسهم القوة والاستقلالية. ويدفعهم هذا للرأفة والتعاطف ولخوفهم من التعلّق، يعيشون وراء سور محصّن يضمن عزلتهم …

كما أن أوجه المحبة تقوم على إدراك حاجات الآخرين وتلبيتها إن أمكننا ذلك، ونعطي من ذاتنا من دون إفراط أو مبالغة. إذاً، علينا الموازنة بفاعلية بين اهتمامنا بحياة الآخر وبين اعتنائنا بانفسنا. وهكذا ننعم بالرضا الذي يولّده التفاعل مع حاجات الآخرين من دون أن ننسى حاجاتنا.قد نغفل عن واقع أننا كائنات معقدة تحرّكها الدوافع وإذا أهملنا أنفسنا نسيء إلى ذاتنا. ولكن يجب ان نتمسك باستقلاليتنا فالتعاون المتبادل يولّد ألفة وترابط صحيين ومفيدين في حياتنا ..

لذا اصنعوا المعروف دون انتظار مُكافأة، وثِقوا أن يوماً ما سيردُّ لكُم أحدهم الجميل بالطريقة ذاتها. يخجلني اهتمام شخص لم أصنع له يوماً معروفاً، ويؤلمني نكران شخص أشعلت له أصابع يدي شموعاً. أجمل النفوس هي التي لا تنكر المعروف رغم شدّة الخلاف. فالمعروف كنز فانظر عند من تودعه.فالشخص المثالي يجد متعة في تقديم المعروف وخدمة الآخرين، ولكنّه يخجل أن يتلقى عوناً من أحد..

كذلك لا يجمل المعروف أو يكمل إلّا بثلاث: أن يكون من غير طلب، وأن يأتي من غير إبطاء، وأن يتمّ بغير منة. وصنائع المعروف تقي مصارع السوء. كذلك الشعور بالمتعة في إسداء المعروف للآخرين. فالشخص الذي يعرف كيف يقدّم المعروف، وكيف يتقبله، يكون دائماً صديقاً وأفضل ثروات الدنيا كلها. أما ناكر الجميل أسوأ الناس خلقاً، إذا غضب منك أنكر فضلك، وأفشى سرك، ونسي عشرتك، وقال عنك ما ليس فيك.وإذا وجد البديل، نكر الجميل. ليس عليك أن ترد الجميل، ولكن كن أرقى من أن تنكره. ولن يتذكروا منك إلّا الجانب السيئ. البعض إذا وَجد من يسعده اليوم، نسي من ضحى له بالأمس. في زمننا إذا وقع صاحب المعروف فيجد أن من أحسن إليهم هم أول من يقفون ضدّه..

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى