أحلامُ الربيع


محمد رياني
ونحنُ نختبئُ للعبِ تحتِ الدثار، انقشعتِ الملامحُ وتجلتْ كسماءِ الصيف، كدتُ أن أصدِّقَ أننا في الخريفِ ونحن لانزال نستروحُ أنسامَ الربيع، تساقطتِ الحروفُ كأوراقِ الخريف، لم أصدق!! ولم أجرؤ على قراءةِ الأوراقِ التي تساقطتْ مثلَ الغانياتِ المنتحراتِ من فرطِ الإغواء، فتحتُ الشباكَ لأرى أيَّ فصلٍ نحنُ فيه؟! هل بالفعلِ نحن في فصلِ الخريفِ وأنا أنادي بأسمي؟ التفتُّ للوراء ليذكرني اللحافُ بأشجارِه الخضراء وأزهارها المنقوشةِ عليه وهي تحاكي الربيع، بالفعلِ؛ نحن في فصلِ الجمال، من حسنِ الحظِّ أنَّ الحديقةَ لاتزالُ مورقةً والعصافيرَ منتشية على رؤوسِ أغصانها، والماء ينسابُ وعلى وجهه فرحةٌ كفرحةِ المستبشرين بالموسمِ الفتان ، عدتُ لأمارسَ اللعبةَ كي أعيدَ للعبةِ وجهَها الفرِحَ وأصنعَ ابتسامتَها ، فجأةً! سقطَ اللحافُ الربيعيُّ وكأنه يريدُ أن تسقطَ أوراقَه في غيرِ موسمه، هممتُ بأن ألتقطَ طرفَه القريبَ مني، وجدتُ نفسي على الأرضِ مثلَ اللحاف، لم يتأثر كما تأثرتُ من شدَّةِ السقوط، امتدَّ على الأرضِ بأزهاره ولونه البديع واسترخيتُ بجواره والألمُ قد أصابَ مني ما أصاب، شعرتُ بحرارةِ الأرضِ ودفئها أفضلَ من بلاهةِ السرير، وضعتُ اللحافَ على جسدي وأغمضتُ عيني لأرى الربيعَ والخريفَ في الأحلام، لم يتحققْ أيُّ حلمٍ من هذا القبيل، لم أنم طويلًا، أشفقَ عليَّ الشُبَّاكُ الذي بقي مفتوحًا فسمحَ لمطرِ الربيعِ أن يدخلَ إلى الغرفة، أغرقَ السريرَ واللحافَ الذي يغطيني، وأغرقني حتى قلتُ للشُبَّاكِ لمَ فعلتُ هذا؟ اتجهتُ إليه لأغلقه وأنا أتصببُ رشحًا ومطرًا في اعتدالِ الجو ، لم أكدْ أصل إلى الشباكِ حتى توقَّفَ المطر، انطلقتِ العصافيرُ ترفرفُ بأجنحتِها وتغني، لم أجد مخرجًا سوى أن أُغرِّدَ معها وسطَ أزهارِ الربيع، أشرقتِ الشمسُ بعد المطر، حملتُ اللحافَ المبللَ ونشرْتُه على حبلٍ قديمٍ لتلفحَه الشمس ، قلتُ في نفسي لعلَّه إذا جفَّ بعدَ الاغتسالِ سيعودُ لممارسةِ دفئه في الربيع.