قمر لايغيب ..قصةقصيرة


بقلم :م |السيد سالم سلامة
بعد رحيل رفيقة “العمر الجميل”..
آل على نفسه أن يكون لأولاده أبًا بقلب أم رؤوم ..!!
وهكذا تعود أولاده رؤيته قبل شقشقة الصبح مؤديًا نسكه وورده .. ثم يتوجه بنشاط إلى مطبخه -مملكته الجديدة-والتى نصب ملكًا عليها دون رغبة ولا أمنية “بعيد رحيل زوجته” ليعد لهم مالذ وطاب مع وضع لمسته كفنان على كل ما بالشقة ..
من تنظيف وترتيب وغسيل وكوي ..
كانت كل أيامه متشابهة اللون والطعم والرائحة!!
إلا ليلة واحدة اختارها عيدًا شهريًا يشحن فيها بطارية روحه وقلبه..
كانت ليلة الرابع عشر من الشهر العربي ليلته التي ينتظرها بشوق العاشق ..
فبعد صلاة العشاء والنافلة.. وعلى شدو كوكب الشرق أم كلثوم وهي تترنم برائعة الشاعر اللبناني چورچ چرداق “هذه ليلتي”.. يمشط شعره ويضبط هندامه .. مع وضع بعض زخات العطر من قنينة خاصة مايلبث إعادتها لمخبئها بحنان وحب..وكأنه على موعد غرام مع أميرته!!..
ويحمل كوب الشاي الذي أعده -لنفسه فقط-بمذاج المحب .. ويفتح النافذة الجنوبية.. ويحتسيه برشفات متتاليةبشغف .. ثم يضع الكوب على حافة النافذة..
ويستند بكلتا ذراعيه إلى أعلى ساتر النافذة..واضعًا كلتا كفيه على خديه..وكأنه ملك فرعوني..يخطط لحدث جلل..
ثم يسافر بقلبه وناظريه إلى المدى!! فيرى عناق القمر المكتمل ببهائه وجماله..
ويتمايل طربا سعف النخيل محتضنا القمر ..!!
وصاحبنا بين عناق وتمايل ..يعيش أجمل لحظات عمره..
ورويدا ..رويدا ..يتباعدالقمر.. ويتباعد..حتى يحتجب خلف أيكةكثيفة بعيدة..
فيلوح له مودعًا بكلتا يديه..كمن يودع حبيبًا قرر فجأةالسفر..
ويصحو من حلمه على أنفاس ولده وابنته وهما يحيطان به من يمينه ويساره فيضع يديه على كتفيهما ويتجهون صوب غرفته ..فيستلقى على سريره..
ويضعان عليه غطاءه برفق وحنان أمهما..
ثم يحملان معًابرفق صورتها المعلقة على الحائط ويضعاها كيمامةفوق صدره.. فيقبلها ..ويضمهم جميعًا بشوق عاشق..والابتسامةتعانقه .. ويغفو..!!