“كنزٌ لمن يملكه ”
وجهٌ آخر غير براق للحب ولكنه الوجه الذي لا يصدأ ابداً ، حب حقيقي تندرج تحته كل المشاعر الصادقة من تضحية ، إنسجامٍ وإخاء ، مشاورة وحفظ أسرار إلى غير ذلك من الصفات الحميدة .
رابط قوي نستند عليه في علاقاتنا البشرية بأرضٍ متينة صلبة . مشاعر لها عمق استراتيجي لا يخضع لأي من طقوس العلاقات المحدودة (الغيرة ،الأنانية والآثرة ) .
هي تلك الصداقة بمعناها الحقيقي وغنيٌ هو من يمتلك اصدقاءً حقيقين .
قال العرب قديماً
المستحيلات ثلاثة :الغول والعنقاء والخِل الوفي ذلك المعتقد الذي كان سائداً قديماً ! استحالة وجود صديق وفي يخلص لك أكثر من نفسه .
ولماذا اُعتبر الصديق الوفي من المستحيلات ؟ هل الدنيا لا تستقيم إلا به كما قال الشافعي :سلامٌ على الدنيا إذا لم يكن بها صديق صدوق صادق الوعد منصفا . أيعني ذلك اننا لن نجد اصدقاءً حقيقين ؟ أم يجب أن نبدأ بأنفسنا ونكون نحن أصدقاء حقيقيون لمن حولنا ! مامساحة الوقت والعطاء التي يمكن أن نتطوع بها لأجلهم ،أن نحب لهم مانحب لأنفسنا أم نؤثرهم عليها ولو كان بنا خصاصة ! تلك تساؤلات لا بد أن نبحث لها عن إجابة في أروقة الفكر .
بداية يجب أن لا ننكر أن هناك علاقات صادقة تستمر لعقود طويلة ولكن بسبب ضغوط الحياة وتركيز الإنسان على حياته الشخصية ومواكبته لطبيعة الحياة المتسارعة لم يعد يبالي .
نحن نعلم تماماً أن حاجة كل إنسان إلى الآخرين أمر طبيعياً بحكم انتمائه إلى مجتمع ويسعى دائما لأن يَحِب ويُحب ويُكوَّن صداقات تمتد لأجل طويل وبناء على ذلك فقد قام العلماء بتقسيم الأصدقاء إلى دوائر معارف لكل دائرة منها أنواع على حسب القرب والبعد أو حسب مراحل العمر المختلفة وقُسمت ايضاً إلى درجات تبدأ من مثيل السن وهو التَرَب لتصل إلى مثيل الروح وهو القرين . ولكن يا ترى كيف نميز صداقاتنا الحقيقية هل هي فعلا التي لا تخلوا من المصلحة أم لا مانع من وجود المصلحة فيها ؟
حين نقلب صفحات التاريخ نرى نموذجاًمشرقاًبراقاً يظهر على السطح كُتِب بمداد من نور عن صداقة حقيقية فريدة من نوعها أنها صداقة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم مع صاحبه أبو بكر الصديق رضي الله عنه .صداقة لا تكتب في مقال بل تُشاهد في مثال .
قال عليه الصلاة والسلام :
(لو كنت متخذاً من أمتي خليلاً لأتخذت أبا بكر ولكن أخي وصاحبي ) وقوله أيضآ (إن الله بعثني إليكم فقلتم كذبت وقال أبو بكر صدقت وواساني بنفسه وماله )
لعل ماسبق هو أضوأ قنديل نراه معبراً عن علاقة سامية وصداقة حقيقية أُقيمت .
فأين نحن عن الإقتداء بهم في زمننا هذا ؟