الفصل الثالث من رواية ” الحرب العظمى”


زينة سليم البلوشي
نهاية الحرب و الطريق إلى السلام و العودة إلى الوطن(1917)
كان محمد و رفقائه دوما ما كانت أماكن المعارك و الواجهات تتغير و بشكل مستمر و كانت عدد الوفيات في تزايد و إرتفاع بعد أشهر كثيرة من المعارك المستمرة بدأت الحرب تدريجيا بالانتهاء و على الرغم أنها لم تنتهي بشكل كلي إلا انها كانت بداية إلى نهايتها و قد قاربت على أن تنتهي الحروب بشكل كلي و في إحدى الأيام عندما كان محمد و زملائه في ساحة المعركة تم إيصال خبر مفاجئ لهم حيث أنه مغزى الخبر هو أن تم إيقاف الحرب و على الرغم من الخبر كان سعيد إلا انه محمد و زملائه كان فيه قلبهم مزيجا من الخوف و القلق و الفرح حيث أنه لم يكن بإمكانكهم معرفة ماذا يكتب لهم المستقبل؟
و عندما عاد محمد إلى قريته مع بداية جديدة و اشراقة الشمس كانت البلاد قد بدأت تتنفس من جديد بعد صراع كبير و سنوات لا تعد و لا تحصى من الألم و الوجع و القهر و الظلم و هنا قد بدأت الابتسامات و الوجوه الضاحكة تعلوا في الافاق و هنا كانت الاجواء مليئة بالفرح و الدموع حيث انه تداخلت المشاعر بين بعضها لبعض و ها قد أنتهت الحرب و لكن على الرغم من انتهائها إلا أنه ما زالت اثارها موجوده لم تمحى و كانت و لا زالت كذكرى مؤلمة لكل من عاشها و لكنها ايضا كانت دليل كبير على الصمود و القتال و على الرغم من عودة محمد الا انه عندما راى تدمر المنازل و راى نظرات اهالي المجندين الذين فقدوا في الحرب دمعت عيناه و بكى و هذه كانت المره الاولى التي يبكي فيها منذ زمن بعيد و قال في نفسه حتما ساعيد بناء هذه القريه و ساجعلها تبدو اجمل من ذي قبل بكثير و عندما اوشك على الوصول الى منزله اوقفه احد الماره و دعاء له بالعمر المديد و من ثم اكمل طريقه و عند وصوله الى منزله راى ان والديه كانوا في انتظاره و الشوق و الحب و الفخر ظاهر في عينيهم و بعد ذلك احتضنته والدته حضن عميق و قالت له و كانها لا تصدق عيناها و لا تصدق بانه في احضانها هل انت هنا فعلا يا بني رد عليها و الدمع في عينيه نعم يا امي اني بجوارك و بين احضانك و ها انتي تقبلين جبيني قالت فقط كنت اريد التأكد من انك حقا هنا.
بدا محمد بالشعور بعبء المسؤولية يثقل كاهله و هنا كان عليه ان يواجه الحياة الجديدة حيث انه هناك الكثير من الناس بحاجة الى مساعدة فقرر محمد ان يبدا اولا بمساعدة الاقربون اليه من عائلته و جيرانه و اصحابه ايضا في اعادة بناء منازلهم و كان يعمل بجد و اجتهاد ليلا و نهارا دون توقف و كان دائما حريص على ان يشارك في ازالة و اصلاح كل شي من المباني و الاسطح المدمرة بشكل كلي و في كل مره كان يسعى الى تصليح الخراب كان ينظر بعين تملئها الدموع و الحزن على الدمار الذي يراه و على الرغم من ذلك دائما ما يقوم بتشجيع نفسه و الاخرين و يقول ثق بالله و ستنجو ثق بالله و لن تضيع جهودك و ثابر ستصل و ازرع ستحصد و دائما كان يقول لا حل سواء العمل و المضي قدما ف الماضي لا يرجع و المستقبل اماما فلننظر الى الامام دون ان نتطلع الى الرجوع الى الخلف
و في احد الايام عندما كان في طريقه الى مساعدة احد الاشخاص قابله زميله ثم وقفوا للحظات للتحدث معا و بداو بتذكر اللحظات و الذكريات التي كانت قبل الحرب و قد ظهرت ابتسامة على وجهه محمد و هو يعود الى حنين الماضي و يتذكر كل لحظاته السعيدة مع زملائه و اهله و من يحب و كيف كان يقضي ساعات اليوم في مقهى القريه و بعد مرور الوقت انصرف كل واحد منهم
مع مرور الوقت بدا محمد يشعر بان المياه رجعت الى مجاريها و ان الحياة بدات تبدو كما كانت في عهدها السابق و قد قرر محمد افتتاح مدرسة و مستشفى صغيران في القرية حيث انه الهدف من ذلك هو ان المستشفى ستعالج من هم بحاجة ماسة الى علاج و المدرسة فتحت حتى يتم تعليم الاطفال القراءة و الكتابة و دائما ما كان محمد حريص على اضافة السعادة و البهجة و السرور في قلب كل شخص يعرفه و كانت هذه اللحظات كفيلة بان تعيد الامل للبشر و في نفس الوقت لمحمد حيث انه كان سعيد جدا بانجازاته و فخور بكل عمل قام به و كان سعيد بانه حقق ما يريد و اصبح هو الطبيب الذي طمح ان يكون في المستشفى الذي تم افتتاحه في القريه و لكن ذلك بعدما اتم دراسته و نجح و حصل على الدكتوراة بامتياز مع مرتبة الشرف ايضا و دائما ما كان يقول عندما يذهب الى المقهى”المستقبل و الحاضر بيدينا و لن نسمح ابدا للحرب ان تسرق منا احلامنا و طموحاتنا و ما نريد ان نكون عليه ”
و على الرغم من عودة الحياة الا انه هناك الكثير من العوائل الذين فقدوا معيلهم و كان محمد دوما ما يشعر باتجاههم بالمسؤولية و الواجب و انه يجب ان يساهم في اسعادهم و بث الفرح في قلوبهم فقرر هو و بعضا من زملائه بان ينظموا حملة بعنوان”كلنا يدا واحدة” و الهدف منها هي مساعدة المتضررين و العائلات التي لا تملك معيل يعيلها.