الأدب والشعر

زينة سليم البلوشي

زينة سليم البلوشي 

زينة سليم البلوشي 

أهداء

إلى اؤلئك الذين واجهوا كل الصعوبات و التحديات في حياتهم و إلى الذين صمدوا في وجه العواصف و تجاوزوا الصدمات إلى اولئك الأبطال الشجعان الأقوياء الذين و على الرغم من الصعوبات و العقبات التي واجهوها لم يستسلموا ابدا و الى ذلك النور الذي دائما ما كان يتواجد في اصعب الظروف و احلك الاوقات لينير و يضيء لنا الحياة الى كل شخص عانى و صبر و تحمل و رفض رفضا قاطعا ان يستسلم للانكسار و الى الاشخاص الذين لطالما كانوا يستمدون قوتهم من كل التجارب التي عاشوها الى اولئك الذين يحرصون حرصا تام على تحويل الامهم الى دروس قيمة يتعلمون منها هذه ليست مجرد قصة فقط بل هي دعوة لكل شخص حتى يعرف ما هي الارادة البشرية و قدرة كل شخص على تجاوز جميع العقبات و التحديات و الصعوبات و لنستمد القوة و الشجاعة من هذه القصة و هذه القصة هي الهام حتى يواجه الجميع مخاوفه و و حتى يسعى الجميع للافضل مهما كانت العقبات قاسية للغاية الا انها ليست النهاية.

 

المقدمة

في تزاحم الحياة يواجه كل فرد منا لحظات قد تغير مجرى حياته و تدمرها لحظات موجعة للغاية يملئها الخوف الشديد و القلق الكثير و عدم الاحساس او الشعور بالراحة ابدا و في هذه اللحظات كل منا يعتقد بان الحياة تبدو و كانها تحاربه و تقف ضده و يشعر ايضا و كانها ايضا تتامر على القضاء عليه و تريد تحطيمه بشتى الطرق و من كل النواحي فهذا ما نشعر به نحن كافراد و لكن في هذه اللحظات المرهقة و التي تسلبنا الراحة و الاطمئنان ينبعث شعاعا من الامل و هذا الشعاع يكون كالنور الذي يضيء الحياة في عتمات الظلمة هذه القصة تحكي عن فتاة في مقتبل العمر تدعى سعاد الفتاة التي واجهت مشاعرها المظلمة لتكتشف بان كل تجربة صعبة و شيقة و مؤلمة و مدمرة خاضتها تحمل في طياتها دروسا قيمة للغاية فدعونا ايها القراء نكتشف كيف يمكن للايمان و الثقة بالنفس و الشجاعة ان يفتحا لنا ابوابا لم نكن نعرفها ابوابا جديدة و كيف يمكن ان يقودانا الى افاق لم نكن نتخيلها ابدا من قبل.

 

 

كانت سعاد فتاة في مقتبل عمرها اي في العشرين كانت تعيش مع والديها في مدينة كبيرة وواسعة و ممتلئة بالسكان كانت دائما ما تبدو من الخارج فتاة في غاية القوة و الشجاعة و مستقلة بذاتها و لكن في الحقيقة هي عكس ذلك تماما فهي في داخلها تعيش مشاعر متضاربة و قد فقدت صديقتها المقربة قبل عامان و كانت تلك الخسارة قد تركت في داخلها اثرا لا يمحى و لا ينسى ابدا فهذه كانت الصديقة منذ الطفولة و قضت معها اعواما مديدة و شاركتها الكثير و لم يكن قبول خسارتها وفقدانها سهلا ابدا فالفقد مؤلم جدا و من الممكن ان يدمر النفس و ان يجعلها غير قادرة على مواجهة اي شي ابدا و عند فقدانها لصديقتها المقربة و التي تدعى سلمى احست سعاد بالوحدة و الحزن و القلق يسيطران عليها و دائما ما كان يعتريها شعور بانها في مكان مظلم للغاية و دائما عندما كانت تحاول ان تبتسم و تتظاهر بان كل شي بخير و على افضل حال و على ما يرام كانت المشاعر الموحشة تعود اليها لتسيطر عليها بشكل كلي و كامل و كانها عقبة و عاصفة شديدة لا يمكن تجاوزها ابدا مهما حاولت او كافحت لتسيطر عليها و لا يمكن الهروب منها بتاتا

 

في احدى الايام قررت سعاد الخروج من المنزل و الذهاب الى الشاطئ القريب منهم و كانت تامل بان تنسيها الطلعة بعضا من المشاعر المتضاربة التي بداخلها و حتى يساعدها الجو اللطيف و الهواء النقي و الطبيعة الجميلة على التخفيف من المشاعر التي بداخلها بعد وصولها الى الشاطئ جلست في احد الكراسي المتواجدة هناك و بدات تتامل الاطفال الذين كانوا يلعبون بالرمال و الاشخاص الذين مع عائلاتهم و الاصحاب الذين مع بعضهم و البحر و ايضا الطيور اصبحت تتامل كل شي هناك بدقة و لكن بدلا من ان ترتاح احست بالانكسار و الوجع فقد كانت تتذكر صديقتها سلمى و كيف كانا يقضيان الوقت معا دون ملل او كلل و كيف كانت دائما صديقتها تشجعها و تتمنى لها الخير و كانوا و كانهم روحا واحدة فهم لا يفترقان ابدا الا وقت النوم و كانت صديقتها هي كاتمة اسرارها و هي التي تفهمها دون حتى ان تنطق بكلمة

 

بدات الدموع تتسلل الى عيناها الجميلتان اللتان تشعان بالنور و اللمعان و كانهما الماسا يضيء ببريق لمعانه و بدات بالشعور بالانهيار و الدمار و كانه كل شي حولها يدمرها بشكل كلي دون توقف و بعد ساعات ليست بقليلة ابدا بدات سعاد بالهدوء و قررت انه يجب عليها ان تحاول ان تكون قوية و ان تتجاوز هذا الالم و هذه المشاعر و كانت هذه اللحظة هي بداية لنقطة التحول لسعاد و ادركت بانها لا تستطيع ابدا الاستمرار في العيش تحت وطاة المشاعر السلبية و قررت بكل عزيمة و اصرار ان تكافح حتى تستطيع ان تواجهه مشاعرها بدلا من محاولة الهروب منها و تذكرت نصيحة والدتها و التي تدعى سالمة “يا بنيتي البكاء ليس ضعفا ابدا بل هو تعبير عما بداخلنا فلا تخجلي ابدا منه و لا تخجلي ابدا يا بنيتي من الحزن ف هو و البكاء ليسا نقاط للضعف ابدا فهي مشاعر في الانسان و البكاء في هذه المواقف ليس ضعفا ابدا بل قوة لا يدركها الكثيرون ممن يكبحون مشاعرهم بداخلهم الى ان ينفجروا او يدمرون انفسهم يا بنيتي عبري عما بداخلك مهما كان دون خوف او خجل ”

 

 

و من ثم قررت العودة الى منزلها و تدوين كل ما تريد القيام به حتى تخطو الخطوة الاولى نحو الامام و حتى تصل الى ما تريد و بدات سعاد بكتابة مشاعرها التي بداخلها التي تكنها لصديقة عمرها و شرحت بكل دقة و تفصيل عميق كل ما يعتصر قلبها و كل الذكريات التي تجمعها معها سواء اكانت جيدة ام سيئة مفرحة ام محزنة فاول طريقة لتجاوز العقبة هي التدوين و هذا من نظر سعاد و كانت الكتابة اول مفتاح من المفاتيح و قد ساعدتها الكتابة كثيرا في تنظيم افكارها و اعتقاداتها و كل ما تشعر به و لا تستطيع شرحه او وصفه او التحدث عنه و مع كل حرف او كلمة كانت تكتبها كانت تشعر و كانه الثقل الذي يعتريها بدا يخف تدريجيا و كان حملها و اثقالها انتقلت الى دفتر التدوين الذي بدات تقضي معظم الوقت فيه

 

بعد عدة ايام من التفكر و التامل و الكتابة قررت سعاد ان تاخذ الخطوة التالية و كانت الخطوة هذه صعبة قليلا عليها الا انها بكل اصرار و عزيمة قررت ان تخطوها لانه المفتاح الثاني و الاهم و الاساسي لتتجاوز ما تمر به حيث انه قررت الانضمام الى مجموعة و هذه المجموعة تدعم الاشخاص الذين يعانون بشكل كبير و لا يستطيعون التعبير عن مشاعرهم و تهدف هذه المجموعة على جميع الافراد الذين فقدوا من يحبون معا و مساعدتهم على تجاوز ما يعيشون و سعاد كانت تعلم بانها بحاجة ماسة لاحد يساعدها لهذا انضمت بعد تفكير و تردد عميق و تم ارسال رسالة لكل المشاركين بعنوان اللقاء و التجمع و ستكون مدة اللقاء اسبوع كامل و بعد عدة ايام توجهت سعاد الى الموقع و قابلت العديد من الاشخاص هناك و بدات بالقاء السلام و التحية على الجميع و بدات تمعن النظر في اعين الموجودين و كم انها كانت تفهم النظرات بشكل عميق لانها و كانها ترى عيناها فكل المتواجدين يتشاركون نفس الالام و الاوجاع و لكن مع اختلاف في من هو الشخص الذي فقدوه في حياتهم و بعد التعرف بدا الجميع تدريجيا بالتحدث مع بعضهم البعض و بداو يشاركون اوجاعهم و ما يمرون به في حياتهم و كانت تجاربهم جميعا متقاربة جدا و مشاعرهم متشابهه و كانت لحظات المشاركة و التفاعل بين بعضهم تعطي سعاد شعورا بالانتماء و الراحة و تزيد الامل و الاصرار في داخلها و بدات تشعر بانها ليست الوحيدة التي تعاني و انه هناك الكثير ممن يشبهونها و عاشوا و مروا بمثل ما مرت به هي و كانت اللقاءات اليومية تمنحها القوة حتى تستطيع تجاوز الحزن و بدات بالتعلم على كيفية التعبير عن مشاعرها و بعد مرور الايام بدات سعاد و من معها بان الالم و الحزن جزء من الحياة و انه من الممكن تحويل هذا الالم الى قوة فهنا بدات سعاد تركز على الذكريات التي جمعتها مع صاحبة عمرها و الذكريات السعيدة التي تركتها لها صديقتها و قررت ان تجمع كل الذكريات هذه و تقضي الباقي من عمرها على هذه الذكريات الجميلة و بعد انتهاء فترة اللقاء بشكل كامل قررت العودة الى منزلها و بدات بتجهيز امتعتها و من ثم غادرت وودعت الجميع و عند وصولها للمنزل ذهبت مسرعة لمعانقة والديها

 

 

و بعد مرور الوقت ذهبت الى غرفتها و بدات بترتيب الغرفة و اخذت من بعدها قسطا من الراحة و عندما استيقظت قررت الرجوع لممارسة هواياتها ف بدات بالرسم و من ثم القراءة و بعدها الكتابة و هكذا قضت يومها و كانت تشعر بالسعادة تعتريها و السرور عاد الى قلبها و شعرت و كانه حياتها بدات تعود من جديد و كان شعورا لا يوصف بالنسبة لها ابدا

 

و بعد مرور عدة ايام قررت الذهاب الى نفس الشاطئ الذي ذهبت له سابقا و هي تتمشى في طريقها للشاطئ صادفت امراة مسنة تبكي في احدى الزوايا فذهبت اليها مسرعة و قالت لها ما بالك تذرفين الدموع فبدات المسنة تحكي قصتها كاملة لسعاد و كانت سعاد تنصت الى كل كلمة بتمعن و تركيز تام و بعد انتهاء المسنة و التي تدعى سليمة من الحديث اخذت سعاد تحتضنها حضنا عميقا و تقبل يداها و راسها و تطبطب على الامها الا ان هدات و شكرت سعاد ثم غادرت

فاكملت سعاد طريقها الى الشاطئ و هي مسرورة بما فعلت و انها ساهمت في مساعدة احدى كان بحاجة الى مساعدة

و عند وصولها الى الشاطئ بدات تتامل كل ما هو موجود هناك و لكن هذه المرة لم يعتريها الحزن بل كانت في قمة سعادتها و بدات باللعب مع الاطفال و الضحك معهم و هنا ادركت بانها بدات تتقبل الحياة من جديد و بدات تتصالح مع نفسها و تشعر بالسلام و قضت يومها في الشاطئ حتى منتصف الليل و من ثم عادت الى منزلها

 

في المنزل جلست سعاد في غرفتها و بدات تقول “التغلب على المشاعر ليس سهلا ابدا لكنه ممكن و هذا ما اكتشفته” و بدات بفتح مذكرته و بدات تكتب قصتها كاملة و في الختام كتبت تعلمت بان القوة الحقيقة تكمن في مواجهة كل الصعاب و الالام و الشجاعة هي قدرة التعلم و المواجهة و معرفة التعبير بكل اريحية دون الكتمان

 

و بعد الانتهاء من الكتابة اخذها السبات في رحلة الى عالم الاحلام و هناك التقت بصديقتها و بدات تحكي لها و تروي لها و تخبرها بانها قد نجت بصعوبة من مشاعرها التي كانت تسيطر عليها بشكل كامل و اخبرتها ايضا بانها سعت نحو الشفاء و قالت”ادركت بان الحياة مليئة بالمواقف المؤلمة و الحزينة لكن لكل موقف او تحد فرصة كبيرة للتعلم ” و كان موتك فاجعة بالنسبة لي و لكنه درسا لي حتى اتعلم الصمود و اعلم بان الامل موجود و يمكن ان ينير الحياة في اصعب الاوقات فطبطبت عليها صديقتها و احتضنتها وودعتها بكل حب

 

و بعدها حل الصباح و اتت و الدتها لايقاظها فنهضت فرحة من الحلم الذي كانت تراه و قبلت والدتها و ارتمت في احضانها و هنا نعلم بان الألم جزء من حياتنا و لكل منا قصة ألم يجب ان يتجاوزها و يتغلب عليها ف لا تستسلموا ابدا و كافحوا على التغلب على كل حزن .

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى