جــــــيــــــل الــــهــــواتـــف


الشاعر :مصطفي محمد كردى
جــــــيــــــل الــــهــــواتـــف
لـقد أخـطأتُ فـي عـمري كـثيرًا
وأغـلَـظُ مـا فـعلتُ مـع الـصِّغارِ
فـمـا رَبّـيـتُهم فــي كــلِّ حــالٍ
وقـد قـصّرتُ نُـصحًا بـاستتاري
ومـــا عـلّـمتُهم أسـفـي عـلـيهم
وإنْ كــنــتُ الـمـعـلِّـمَ لـلـكِـبـارِ
خَـشيتُ عـليهمُ فـحَكَمتُ حَبسًا
فــإنّ الـصَّـونَ أهــوَنُ بـالـجوارِ
وقــرّرتُ الـتّـشاغُلَ عـن خـروجٍ
وأعـلـمُ كـم خـسرتُ مـن الـقرارِ
خـيـاري كــانَ أنْ يـبـقَوا بـبيتٍ
فـعـاقبني الإلــهُ عـلـى الـخـيارِ
شَـرَيـتُ لـهـم هـواتـفَ غـالياتٍ
فـرخّـصتُ الـعِيالَ عـلى الـشِّرارِ
لـقد نـشروا الـسّمومَ بـكلِّ شكلٍ
ومــن حُـمقٍ سـمحتُ بـالانتشارِ
وقـد كـانَ الـجدارُ بحجبِ طفلٍ
ولـكـنّـي رغـبـتُ عــن الـجـدارِ
وهـم سَـهِروا على الشّاشاتِ ليلًا
فــصـارَ الـلّـيـلُ أشــبـهَ بـالـنّهارِ
وقـد سَـلَكوا بـدَربِ الجهلِ سهلًا
كـمن ركـبَ الـسّفالةَ فـي القطارِ
بــدت ألـعـابُهم فـي الـبَدءِ حِـلًّا
وصـارت بـعد حـينٍ فـي الـقِمارِ
وأمّــــا الــفِـكـرُ أوّلُـــهُ حـمـيـدٌ
وآخـــرُهُ الـتَـهَوّرُ فــي انـجـرارِ
فـواحـدُهـم يُـفـكِّرُ فــي قـتـالٍ
وآخــرُ كــم يُـفـكِّرُ فـي انـتحارِ
وثـالـثُـهم يُـفـكِّـرُ فــي حـبـيبٍ
ويـنـشرُ فـي الـمشاعرِ لا يُـداري
وقــد كــانَ الـثّـلاثةُ مـن زمـانٍ
يـدورُ على الملاعبِ في البراري
فـصاروا كـالجنادبِ فـي سـلوكٍ
وصــارَ الـعـقلُ أقــربَ لـلـحمارِ
ولــم تُـفـلِحْ نـصـائحُ مـن كـبيرٍ
وقــد آلَ الـزّمـانُ إلــى انـحسارِ
ومــا أدري أيـكـفي قــولُ عُـذرٍ
وهـل يـكفي إذا قُـبِلَ اعـتذاري
لـقـد كـبـروا عـلـى لـعـبٍ ولـهوٍ
وقُـبحٍ في السّكوتِ وفي الحوارِ
فـإنْ صَـمَتوا عـلى أكـلٍ وشـربٍ
وإنْ نَـطقوا عـلى مـثلِ الـشّجارِ
تَـراهـم فــي الـضَّياعِ بـلا دلـيلٍ
وهل تنجو البهائمُ في الصّحاري
فهم عَبَروا الخطوطَ الحُمرَ حتّى
تـسـاقـطَ عـنـدهم كــلُّ اعـتـبارِ
إلـى مـولاي أشـكو ضعفَ شأني
وأرجـو أنْ يـعجّلَ فـي اختياري
فـإنّـي قــد قـتلتُ صِـغارَ قـلبي
وحكمُ العدلِ أنْ ألقى احتضاري