تونس تُضيء شعلة الثقافة العربية في مهرجان “نور تونس” الدولي


د.آمال بو حرب _تونس
المهرجانات قاطرة التنمية الثقافية والاجتماعية
تلعب المهرجانات الثقافية دورًا محوريًا في تنشيط الحياة الفكرية والفنية، فهي ليست مجرد فعاليات عابرة، بل منصات حيوية لتبادل الخبرات وصقل المواهب. ففي تونس، ساهمت مهرجانات مثل “أيام قرطاج السينمائية”و”مهرجان القيروان للشعر”في خلق بيئة إبداعية جاذبة، تعزز السياحة الثقافية وتُحيي الحرف التقليدية. كما تُعتبر هذه الفعاليات فرصةً لدعم الاقتصاد الإبداعي عبر تسويق المنتجات الفنية والترويج للتراث غير المادي، مما يجعلها ركيزةً في خريطة التنمية المستدامة.
وتحت شعار “بالحب والثقافة تُبنى الأوتان”تستعد تونس لاحتضان الدورة الثانية من مهرجان “نور تونس للثقافة والإبداع”من 17 إلى 21 مايو 2025 بمدينتي الحمامات “والمنستير بتنظيم من مؤسسة النور للثقافة والإعلام وجمعية “منارة الإبداع التونسية”، تحت إشراف وزارة الشؤون الثقافية.
كما أكَّد “السيد أحمد الصائغ” (رئيس مؤسسة النور) أن المهرجان يجمع مبدعين من 20 دولة عربية وأجنبية، بينها العراق، فلسطين، ألمانيا، أستراليا، والسويد، بهدف خلق حوار ثقافي يتجاوز الحدود السياسية، مشيرًا إلى توجيه دعوات لشخصيات دبلوماسية وإعلامية لحضور الحدث.
يُذكر أن المهرجان يشهد مشاركة نخبة من الأدباء والفنانين تحت إشراف “الشاعرة قمر النميري”(مديرة المهرجان) و”الأستاذ فرج المنصر”(رئيس جمعية منارة الإبداع)، مع تركيز خاص على دعم المواهب الشابة وتقديمها للجمهور التونسي والعربي.
يهدف المهرجان إلى تعزيز الحوار الثقافي العربي والدولي عبر أنشطة متنوعة تشمل: جلسات شعرية وعلمية، عروض مسرحية وغنائية، معارض تشكيلية وأزياء تراثية، وزيارات ميدانية لأبرز المعالم التاريخية كضريح الزعيم “الحبيب بورقيبة”كما يضم المهرجان فعالية “مسابقة نور تونس للإبداع الشبابي”في مجالات الشعر والقصة القصيرة، مع تكريم الفائزين بدرع الإبداع في الحفل الختامي.
ولقد شهدت العلاقات الثقافية بين تونس والعراق تفاعلًا لافتًا عبر مشاركات متبادلة في المهرجانات، في السنوات الأخيرة كـ”مهرجان بغداد الدولي للمسرح”و”مهرجان الحمامات للموسيقى”حيث تُحوّل هذه الفعالياتُ الفنيةُ الحدودَ الجغرافيةَ إلى جسورٍ للإبداع المشترك وفي نسخة هذا العام، سيُشارك وفد عراقي رفيع المستوى في “نور تونس”، مع تنظيم ورش عمل مشتركة حول توثيق التراث المشترك، مثل إحياء فنون “المقام العراقي” كرسالةٍ على أن الثقافة العربية نسيجٌ واحدٌ رغم تعدد روافده.
أخيرا تجدر الإشارة إلى أن أبعاد المهرجانات الثقافية لا تعتمد على الجانب الفني فقط بل تمتد إلى أبعادٍ ثقافية واقتصادية واجتماعية فهي تعمل كأداة ناعمة لتعزيز الصورة الذهنية للدول، وكمنصةٍ للحوار بين الشعوب في ظل التوترات الإقليمية فمهرجان “نور تونس”، على سبيل المثال، يستضيف مبدعين من دولٍ تشهد صراعات مختلفة ولكن في تونس الابداع تجمعنا لغة واحدة وحب واحد وانتماء واحد في إشارة إلى أن الفن يُعيد تعريف الخريطة العربية بلغة الجمال كما تُسهم هذه الفعاليات في تنشيط القطاعات الاقتصادية المرتبطة بالسياحة والفنون، مما يجعلها استثمارًا ذا عوائد متعددة الأوجه ثقافيا ومعرفيا وأدبيا وأخلاقيا واجتماعيا .